وتؤكد هذه الآية إن الإله الحقيقي هو الذي يستطيع أن يحيى الأموات ، فهل هذه الآلهة المزعومة تستطيع ذلك؟ أم هل يقدر أحد أن يدعي ذلك؟ كلا بل تراهم يعترفون في لحظات الحاجة ، عن مدى ضعفهم واستكانتهم ، حتى إن نمرود الذي ادعى ـ مرة ـ إنه يحيى ويميت ، انهار عند ما رأى النيران الملتهبة ـ التي عمل جلاوزته المستحيل من أجل تأجيجها وتهيئتها لحرق شخص واحد ـ قد خمدت وتحولت الى برد وسلام على إبراهيم ، فقال : من أراد أن يتخذ إلها فليتخذ مثل إله إبراهيم ، وكذلك بهت حينما حاجّ إبراهيم في ربّه ، وذلك عند ما قال له : إنّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأت به من المغرب.
كلّ شيء في السماء والأرض من أصغر شيء الى أكبر شيء ، دليل على وحدة الربوبية في الوجود ، حيث إن الانسجام والتناغم الدقيق الذي نراه فيما بين الأنظمة المختلفة التي تحكم الكون دليل وجود مدبر له ، فالنظام الذي يدير أضخم المجرات هو نفس النظام الذي يدير الذرة الصغيرة المتواضعة.
يقول الامام عليّ (ع) : «ما دلّتك الدلالة إلّا على إنّ فاطر النملة هو فاطر النخلة» ، بلى لأن النظام الذي يحكم الدورة الحياتية في جسد النملة هو نفس النظام الذي يحكم انتقال الماء والهواء والأملاح في هيكل النخلة.
(أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ)
وهكذا تبيّن هذه الآية فكرة وحدانية الله سبحانه وتعالى ، في حياتنا العملية وقد سبق أن قلنا : إنّ توحيد الله سبحانه وتعالى ، توحيدا حقيقيا هو أحد أبرز العوامل التي تساعد الإنسان على تحمّل المسؤولية في الحياة ، وهو ما تسعى الى ترسيخه سورة الأنبياء ، كما إن الاعتقاد بآلهة من دون الله هو أحد أبرز التبريرات التي تحول دون