تحمّل المسؤولية.
[٢٢] (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)
لو كان في السماوات والأرض آلهة غير الله سبحانه وتعالى ، إذا لاضطرب النظام فيهما ، لأنّ تعدد السلطة يسبب فساد المملكة واختلال أمورها ، جاء في حديث نجده في كتاب التوحيد باسناده إلى هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد الله (ع) وكان من قول أبي عبد الله له : «لا يخلو قولك : إنّما اثنان من أن يكونا قديمين قويين أو يكونا ضعيفين أو يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا ، فإن كانا قويين فلم لا يدفع واحد منهما صاحبه وينفرد بالتدبير ، وإن زعمت إن أحدهما قوي والآخر ضعيف ثبت إنّه واحد كما نقول ، للعجز الظاهر في الثاني ، وإن قلت : إنّهما اثنان لا يخلو من أن يكونا متفقين من كلّ جهة أو متفرقين من كلّ جهة ، فلما رأينا الخلق منتظما ، والفلك جاريا ، واختلاف الليل والنهار والشمس والقمر دلّ صحة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر إنّ المدبر واحد ، ثمّ يلزمك إن ادّعيت إثنين فلا بدّ من فرجة بينهما حتى يكونا إثنين ، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما ، فليزمك ثلاثة ، فان ادّعيت ثلاثة لزمك ما قلنا في الاثنين حتى يكون بينهما فرجتان فيكون خمسا ، ثمّ يتناهى في العدد الى ما لا نهاية في الكثرة» (١)
هذا من الناحية العقلية ، أما من الناحية النفسية فان فكرة تعدد الآلهة جاءت لتعكس حالة التبرير والصراع عند البشر ، ذلك إن الأساطير التي تتحدث عن تعدد الآلهة وإن كانت خرافة وبعيدة عن الحقّ والحقيقة إلّا إنّها تمثل انعكاسا لنفسية واضعيها والمعتقدين بها ، لذلك فباستطاعتنا أن نكتشف من خلالها طبيعة البشر عبر
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٣ ـ ص ٤١٧ ـ ٤١٨.