الفاسد ، فهم لا يفكرون إن ظلمهم سوف يولّد حركة ثورية تتنامى ، وتنتشر ، وتتحول الى بركان مدمر ولو بعد حين.
والقرآن الحكيم ينبهنا بأنكم ، سواء عشتم مستقبلكم أم لا ، وآمنتم به أو كفرتم ، فان الجزاء سيأتي حتما ، وسوف يحيط بكم عذابه ، وما دام المستقبل حقا فلا بدّ أن نؤمن به ، متحدين بذلك كلّ الضغوط التي تواجهنا في الحياة ، وعلى رأسها طبيعتنا البشرية الاستعجالية.
إنّ الذي ينكر الجزاء ، بأن يسلم قيادته لنفسه النزقة المتعجلة ، يسلب الله منه عقله وبصيرته ، ويستدرجه شيئا فشيئا ، فلا يشعر إلّا والعذاب مطبق عليه بغتة ، سواء كان ذلك عذاب الساعة أو ما هو دونها ، فالطاغوت الحاكم يفقد تمييزه للأمور ، وتبصره بالعواقب فيستمر في سياسته الخاطئة ، وإذا به يصحو يوما ليجد نفسه ملقى عن عرشه ، كشاه إيران ، أو ممزقا برصاصات المجاهدين ، كفرعون مصر.
وكذلك بالنسبة لبعض المجتمعات البشرية التي تراكمت أعمال أفرادها السيئة حتى أحاطت بهم ، استهزءوا برسلهم أو بمن يمثلهم من الأوصياء والعلماء ، واتخذوا ما جاءوهم به لهوا ولعبا ، فقد حاق بهم ما استهزءوا به وأزال حضارتهم.
وكثيرا ما نجد القرآن الحكيم يتحدث عن المجتمعات وليس الأفراد ، مما يثير السؤال التالي : ما دامت المسؤولية هي مسئولية الفرد فلما ذا يحدثنا القرآن عنها بصيغة المجموع؟
والجواب : إن ذلك لسببين :
الأول : إن مسئولية الفرد لا تقتصر على حدود ذاته الضيقة ، وإنّما تمتد لتشمل