إنّ تدبير الحياة بيد الله كما إنّ تقديرها بيده سبحانه ، فمن الذي يحفظنا ليلا ونهارا من أخطار الحياة سوى الرحمن؟
فهو الذي يحفظنا بنعمه عن بلائه ، وبرحمته عن غضبه. لأنّه جلّ شأنه قد كتب على نفسه الرحمة ، والرحمن هو الذي يكلؤنا ولكن نحن لا نقدّر هذه النعمة فنكفر به وبآياته ونعرض عن ذكره.
(بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ)
الله هو الذي يربيهم ، وهو الذي لا يزال يكمل لهم النعم ، وينزل عليهم البركات ، ومع ذلك تراهم يكفرون به ويستهزئون برسالاته.
وما دام العذاب الالهي في الدنيا لا رادع عنه ، (إلّا من قبل الله نفسه) ، ولا أحد من الآلهة المزعومة تقدر على دفعه إن حلّ بقوم ، فلنعرف إنّ الآلهة ليست بشيء ، وإنّها لا تضر ولا تنفع ، وانها لا تقدر على دفع عذاب الآخرة أيضا.
[٤٣] (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا)
الله لم يقطع عن أياديه ساعة فلما ذا نكفر به؟! إذا لم يعطك أبوك نقودا ، ولم يدعك تنام في البيت ، ولم يهتم بك ، فسوف تبحث عن صديق أو عن جهة من الجهات تؤمن لك ضرورات حياتك ، ولكن الله ـ والأمثال تضرب ولا تقاس ـ لم يغلق عليك الأبواب ، ولم يبعث عليك العذاب حتى تتركه وتتوجه الى آلهة غيره تؤويك الى كنفها!
ونقرأ في الأدعية تعابير دقيقة ، وفي نفس الوقت مثيرة لأحاسيس الإنسان الفطرية في هذا الاتجاه : فما دام الله سبحانه وتعالى لم يغير عادة الإحسان إلينا ،