[٤١] (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ)
إنّ الأمم السابقة قد استهزأت بالرسل ، فاذا بتلك الرسالات التي استهزءوا بها تتحول الى حقائق أليمة تحيط بهم وتنتقم منهم. ولا يخفى إنّ ذلك إضافة إلى التعذيب البدني عذابا نفسيا للكافرين.
ولكن هل الرسالة الالهية بذاتها عذاب؟ وهل هي التي تؤدي الى الضرر الوخيم الذي يصبّ المعاندين في جهنم؟
بالطبع ـ كلّا ـ فالرسالة بما فيها من أفكار إنّما هي تعبير عن الحقيقة ، وحينما يستهزئ أحد بها فإنه يستهزئ بالحقّ ذاته ، فحينما أقول لا تأكل هذا الطعام لأن فيه جرثوما ، فان هذه الكلمة تعكس حقيقة واقعية ، وعند ما تخالف وتأكل منه ، فان الجرثوم وهو تلك الحقيقة الواقعية ، سيحيط بك ويوقعك في الألم والمعاناة ، لذلك يعبر القرآن عن هذه الحالة تعبيرا دقيقا ، ويقول :
(فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)
القرآن في هذه الآية كما في أكثر آيات سورة الأنبياء ، يكثر من الحديث عن اللعب ، واللهو ، والاستهزاء والسخرية ، فلما ذا؟
السبب هو إن الحديث فيها ، يدور حول المسؤولية ، وهذه الأشياء نقيض لها ، فاللعب ، ولهو القلب ، والاستهزاء بالرسالة ، والسخرية من الرسل ، وبالتالي من الحقائق ، هذه كلها تقتل احساس الإنسان بمسؤوليته في الحياة.
ولا يسمع الصمّ الدعاء :
[٤٢] (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ)