أول ما يبدأ عذاب الله عز وجل بالنزول على المعرضين والمعاندين ، ينزع عنهم السكرة التي كانت مسيطرة على عقولهم ، والتي جعلتهم يغترون بالدنيا الفانية ، وعند ذلك يعودون الى رشدهم ، ويقولون لقد عرّضنا أنفسنا الى الهلاك بإرادتنا واختيارنا ، حينما فرّطنا في المسؤولية ، وتهاونّا في أداء الأمانة.
[٤٧] (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً)
تلك كانت النفحة ، أما الجزاء فسيجدونه في يوم القيامة حيث الحساب ، الدقيق والعسير ، إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشرّ ، وتعالى الله أن يظلم أحدا شيئا.
والموازين القسط هم الرجال الربانيون الأنبياء والأوصياء (١) الذين يتخذ منهم الربّ شهداء على النّاس ، والذين لا بدّ أن يقيس الإنسان أعماله بهم وبنهجهم وسيرتهم.
(وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها)
الخردل : نبات له حبات بالغة في الصغر والخفة ، لو إنّ الإنسان أحسن وعمل عملا بوزن هذه الحبة ، وفي أيّ مكان على وجه الأرض ، وعلى أية درجة من السّريّة والكتمان ، فان الله سيأتي به ـ بقدرته وعلمه اللامحدودين ـ مثبتا ومسجلا ، يعرضه على صاحبه في يوم القيامة ، ثمّ يعطيه جزاءه العادل عليه.
(وَكَفى بِنا حاسِبِينَ)
ولا نحتاج الى من يعيننا في عملية الحساب هذه.
__________________
(١) تفسير نور الثقلين / ج ٣ ـ ص ٤٣٠.