في الذي أنزلها ، ولذلك يقول الله في هذه الآية : «أنزلناه» ليقطع عليهم سبيل الإنكار والتكذيب.
وكما إنّ التوراة كانت فرقانا وضياء وذكرا .. فان القرآن كذلك ذكر (وهو أعلى صفات التوراة الثلاث). ومثلما أصبح كتاب موسى بركة على بني إسرائيل ، كذلك هذا الكتاب سيكون (وفعلا كان) مباركا على من اهتدى به ، يخرجهم من الظلمات الى النور ، ويعطيهم تكاملا معنويا وماديا.
إبراهيم يحطم الأصنام جميعا :
[٥١ ـ ٥٣] (وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ* إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ* قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ)
الضمير في «رشده» يعود الى إبراهيم (ع) ، ولم يقل ربنا «رشدنا» مثلا ، وفي ذلك إيحاء الى أن الله خلق الإنسان راشدا ـ عاقلا ـ نقي الضمير ، ولكنه يتبع آباءه على غير هدى فتنحرف فطرته ويضيع رشده.
ولقد أدى إعراض قوم إبراهيم عن رشدهم المركوز في فطرتهم ، الى أن يردوا على حجته القوية المنطقية بذلك الجواب السخيف الأحمق فقالوا : إنّما نعبد هذه الأحجار لأننا رأينا أسلافنا يفعلون ذلك ..
[٥٤] (قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)
لقد نسف إبراهيم بكلمة واحدة عقيدتهم المهزوزة ، وتركهم في حيرة من الأمر ، والآية التالية تدل على إنّهم لم يكونوا على شيء في دينهم.