كلّ كتاب هبط قبله ، فيكون إذا معنى (من بعد) الذكر ما يساوي قولنا بالاضافة الى القرآن.
ولكننا نستظهر من لفظة الزبور نفس معناها عند ما استخدمت في موردين ، وأيد بها كتاب داود.
بينما نستوحي من آية سبقت في هذه السورة : إن الذكر يطلق على التوراة ، ويبقى السؤال إذا بما ذا اختص داود (ع) من بعد موسى (ع) بهذه البشرى؟
والجواب ـ كما يبدو لي ـ :
إنّ الله أنقذ بني إسرائيل ، ذلك القوم المستضعف من سلطة فرعون ، وعلى يد النبي موسى (ع) ، وأورثهم أرض الظالمين.
كما أعطى لداود حكما وهيّأ له أسباب القدرة ، فكان من المناسب أن يذكرهما ، بأن وراثة كلّ الأرض تكون للصالحين : أولا لكي يكون ما تحقق فعلا على عهدهما شاهدا على ما يتحقق في المستقبل جريا على نهج القرآن في الارتقاء بالقارئ من الحقائق المشهودة الحاضرة ، الى الغيب الأوسع مدى ، وثانيا وليعلم كلّ مؤمن بأن الله سوف يورث الأرض للصالحين من عباده كما فعل في عهد داود وموسى ، فيكون ذلك أملا يبعثه الى المزيد من النشاط ، وبصيرة كونية لمعرفة حركة الكائنات التي تنتهي الى وراثة الأرض جميعا.
هكذا نستوحي من الآية فكرتين :
أولا : إن كلّ مجموعة مؤمنة تعبد الله بحقّ ، وتكون صالحة ، تستحق أن ترث أرضها.