ولم يهتدوا الى الصراط القويم ، فكانوا كمن يجدّ السير على غير الطريق الصحيح فتراه يركض ، ويملك من العزيمة على السير ، ووسائل التحرك ما يساعده على الوصول الى الهدف ، إلّا إنّه أضل الطريق فلا يغنيه السعي والنظام والتخطيط والعطاء شيئا.
هؤلاء (الغرب) حققوا جزء من الشرط الثاني دون الشرط الأول والأهم لوراثة الأرض وهو عبادة الله ، فلذلك لن يكونوا المبشرين بوراثة الأرض ، لأنهم ليسوا عباد الله الصالحين ، بلى انهم يملكون من الصلاح نسبة يجزيهم الله عليها بتقدمهم المحدود والموقت في الدنيا ، وعندنا ـ نحن المسلمين ـ نسبة من الفساد نتخلف بسببها في الدنيا.
إذا لا بدّ من تطبيق كلّ الدين حتى نكون صالحين ، وكلّ الدين هو الذي يجعلنا نتعايش مع سنن الكون ونبشر بوراثة الأرض بقدر تسخيرها في سبيل الله.
[١٠٦] (إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ)
إذا لم يكن الإنسان عابدا فإنه لن يصل إلى الحقيقة.
[١٠٧] (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)
إن الصيغة العامة لرسالات الله جميعا ، ورسالة الإسلام بالذات ، هي الرحمة ، لأنها تهدي الناس الى نعم الله ، والطريق القويم الى الانتفاع بها ، والنهج السليم لبلوغ الأهداف السامية ، ولذلك جاء في الحديث عن الرسول إنه قال : «إنّما أنا رحمة مهداة» (١)
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٣ ـ ص ٤٦٦.