وتتميز رسالة نبينا الأكرم (ص) بأنها رحمة للعالمين جميعا سواء الأبيض أو الأسود ، العربي والأعجمي ، والفقير والغني ، والرجال والنساء ، وأنها ـ كما السحب الهطول ، كما أشعة الشمس ، كما سائر نعم الله ـ تشمل الجميع بلا استثناء.
ولأنها رحمة للعالمين ، فان الله سبحانه وتعالى يريدها تسود العالم جميعا حتى تكون وراثة الأرض كلّ الأرض للصالحين التابعين لهذه الرحمة .. وهذه بشرى لا بدّ أن يسعى كلّ مؤمن لتحقيقها.
وهناك تفسير آخر لهذه الآية جاء به الأثر الشريف وهو : إنّ الرسل من قبل سيدنا محمد (ص) بعثوا بالتصريح فاذا كذب الواحد منهم أنزل الله على قومه العذاب ، بينما بعث نبينا بالتعريض فلا يأخذ الله أهل الأرض في عهده بالبلاء الماحق ، ويدلّ على ذلك ما جاء في حديث عن أمير المؤمنين (ع) وجهه الى بعض الزنادقة : وأما قوله لنبيه (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) وانك ترى أهل المال المخالفة للايمان ومن يجري مجراهم من الكفار مقيمين على كفرهم الى هذه الغاية ، وانه لو كان رحمة عليهم لاهتدوا جميعا ونجوا من عذاب السعير ، قال : فان الله تبارك اسمه إنّما عنى بذلك انه جعله سبيلا لإنظار أهل هذه الدار ، لأنّ الأنبياء قبله بعثوا بالتصريح لا بالتعريض ، وكان النبي (ص) منهم إذا صدع بأمر الله وأجابه قومه سلموا وسلم أهل دارهم من سائر الخليقة ، وان خالفوه هلكوا وهلك أهل دارهم بالآفة التي كانت بينهم يتوعدهم بها ويتخوفهم حلولها ونزولها بساحتهم ، من خسف أو قذف أو رجف أو ريح أو زلزلة وغير ذلك من أصناف العذاب الذي هلكت به الأمم الخالية ، إنّ الله علم من نبينا ومن الحجج في الأرض الصبر على ما لم يطق من تقدمهم من الأنبياء الصبر على مثله ، فبعثه الله