بالتعريض لا بالتصريح ، وأثبت حجة الله تعريضا لا تصريحا. (١)
[١٠٨] لما ذا كانت رسالات الله رحمة ، وما هو جوهر هذه الرحمة الالهية؟
إنّ جوهر الرحمة الدعوة الى توحيد الله ، ونبذ الشركاء من دونه ، ذلك لأن تحرر الإنسان من عبادة الهوى ، وتمرده على الضغوط ، وخلاصه من نير الطغاة والمستكبرين ، وارتفاعه الى مستوى (عبادة الله وحده) هو قمة الاستقلال والحرية والكرامة.
إنّ حب الاستقلال والحرية والكرامة غريزة فطرية عجنت بها طينة البشر ، ولكن لم يتخلص الناس عمليا من الظلم والاستعباد ، لماذا؟
لأنّ البشر بحاجة الى من يوقظ هذه الفطرة ويثيرها ويبعثها ويعطيه عزمة إرادة ومنهج عمل وضياء أمل ، وليس ذلك إلّا عند الرسل ، فهم ومن سار على نهجهم من عباد الله الصالحين يحررون ـ بإذن الله ـ البشر من القهر والاستعمار وسيطرة الأقوياء.
(قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
إنّها دعوة بالغة الصراحة الى الاستقلال والحرية والكرامة ، وانها لعهد بين الرسول ومن أرسل إليهم بأنه لا يريد استعبادهم ، بل تحريرهم ، ولكنه يطالبهم بالتسليم للحقّ لكي ينجيهم من عبودية الباطل.
[١٠٩] ولا يطالبهم الرسول بأجر ، ولا يدعوهم لمصلحة عنده انما يمنّ الله عليهم إذ ينذرهم بعذاب عظيم هم غافلون عنه ويقطع عذرهم بالجهد لهم بالإنذار ، وهو
__________________
(١) المصدر / ص ٤٤٦.