إن الإنسان قد يفكر تفكيرا حرّا وعلى أثر تفكيره هذا يكتشف انحرافا كبيرا فيهتدي بسببه الى كل البرامج الرسالية ، فاذا عارضة والداه في تلك النقطة ستتكشف له سائر النقاط وتصبح هذه النقطة البسيطة بداية المسيرة طويلة ، هكذا نجد إبراهيم يقول لوالده : «يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً» ..
وحينما اكتشف إبراهيم تلك النقطة تشجع واستمر في محاولات الكشف ، فكشفت له نقطة أخرى وهي : إن إتباعه لأبيه خطأ ، لأن أباه يعبد صنما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني شيئا.
إن هذه قفزة جديدة لا يصل إليها الإنسان عادة ، خصوصا الإنسان الذي يعيش في جوّ عائلي مغلق يفرض عليه إتباع والده ، لكن إبراهيم وصل الى تلك القفزة بشجاعته وباتباعه لفطرته ...
ولاية الشيطان :
[٤٣] (يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ)
إن مقياس الطاعة والتقليد هو العلم ، فاذا كنت أنا أعلم منك فلا بد أن تكون أنت الذي تطيعني وليس العكس! ..
(فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا)
واجه إبراهيم (ع) أباه بهذه الشجاعة ، حيث طلب منه أن يتّبعه لأنه يمتلك العلم ، وهذه إشارة بأن الاعتبار الأول في القيادة العلم ، وليس شرطا عمر القائد أو منزلته.
[٤٤] (يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا)