في البداية هدده بالرجم والتشهير ، ثم أمره بأن يهجره ، أي يخرج من بيته نهائيا وهذه عملية نراها اليوم عادة بين الآباء ، حيث يقوم الواحد منهم بطرد ولده إذا وجد لديه عملا ثوريّا أو أنه ينتمي الى حركة إسلامية أو يقوم بنشاطات سياسية ...
مواجهة الإرهاب :
[٤٧] عند ما رأى إبراهيم إن الأمر قد وصل الى هذا الحد ، وإنه إذا هجر أسرته فانه سوف تتكرس فيهم ضلالتهم ، لذلك :
(قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ)
لعلّ إبراهيم (ع) كان يريد أن يتبع تكتيكا آخر بعد أن وصلت مواجهته الصريحة مع أبيه الى طريق مسدود ، وهو أن يبحث عن وسائط خير يمكن أن يقنعوا الأب بدعوته الحقة ، وهذه الفكرة التي نستوحيها من الآية تفيدنا كثيرا في حياتنا العملية ، إذ أن كثيرا من الشباب الذين تتفتح بصائرهم على الهداية والايمان يريدون أن ينقلوا تلك الهداية الى آبائهم أو أعمامهم أو إخوانهم الكبار ، ولكنهم غالبا ما يصطدمون بالحواجز التقليدية التي تحول دون تقبل هؤلاء ممن هم أصغر منهم سنّا وتجربة ، فلا يكون أمام الأولاد إلا أن يلجأوا الى الطرق غير المباشرة فيبحثون عن أصدقاء أو معارف لآبائهم يشترط فيهم كبر السن والوعي الثوري ، ليقوموا بدور الوسيط في تبليغ الرسالة.
(سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا)
قال إبراهيم لأبيه سأطلب لك المغفرة من الله ، فهو يحبني ويبرّ إليّ ، وكان إبراهيم في استغفاره يريد هداية أبيه ، كما جاء في آية أخرى ، فلما تبيّن له إن أباه لا يريد أن يهتدي وأنه مصرّ على الضلال تركه وشأنه.