ان الصفات السيئة لها جزاء في الدنيا وجزاء في الآخرة ، فنار الحسد تأكل الإنسان في الدنيا مرة ، وفي الآخرة مرة ، وثعبان الحقد يلدغ الإنسان في الدنيا بطريقة ، ويلدغه في الآخرة بطريقة اخرى ، وفي الآخرة يرى الإنسان الحقد في صورة ثعبان عظيم أو عقربة ضخمة تلدغه ، أما في الدنيا فان ذات الحقد يلدغ قلب الإنسان ، ولكن دون أن يتجسد في ثعبان ظاهر ، ولا فرق بين أن يلدغ جسمه هناك أو يلدغ قلبه هنا. وهكذا سائر الصفات «وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً».
وهكذا نعلم بأن جهنم الآخرة انعكاس لجهنم الدنيا ولا أقول : ان جهنم هناك رمز لجهنم هنا كلا .. لان عذاب جهنم في الآخرة أشدّ ألما وأشد ظهورا وهي حصيلة هذه وحصاده ، من هنا تأتي آيات القرآن تعبر لنا عن الإرث ، فما هو الإرث ،؟ أليس يعني : أن تعمل ثم يأتي الآخرون ليأخذوا نتيجة عملك بعد ما تموت ، وقد لا يأتي إنسان آخر ليأخذ ارثك وانما تكون أنت نفسك بعد موتك تأخذ ما كسبت ، وهذا نوع آخر من أنواع الإرث «وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً».
هناك شبهة عميقة الجذور في فكر الإنسان ، تقول بأنه كيف يمكن للإنسان ان يبعث من بعد الموت؟
ان مصدر هذه الغرابة جهل الإنسان ببداية خلقه ، فلو عرف الإنسان كيف خلقه الله وما ذا كان قبل ذلك ، ولو تذكر الإنسان أنه كان نطفة في صلب أبيه أو مضغة في رحم أمه أو طفلا وليدا لا يتجاوز وزنه (٣) كيلو غراما ، لو تذكر كل ذلك آنئذ يتحسس بأن الذي خلقه وربّاه قادر على أن يحيله الى تراب ثم يخلقه مرة اخرى.
ان تذكّر هذه الحقيقة بصورة مستمرة يرفع عن الإنسان حجاب الغفلة عن