الايمان بالله وفي حدود القيم فلا بأس عليه ، أما الذي يكفر بالآيات من أجل المال والولد وغرورا بهما فما عليه إلا أن ينتظر عاقبته ، ويبدو من الآية : إنّ الإنسان يشعر في قرارة نفسه بالضعف ، وفطرته تدعوه إلى أن يجبر هذا الضعف الذاتي بالايمان بالله ، وبآياته المبثوثة في الكون ، والمنزلة على النبي في الكتاب ، إلّا أنّ الشيطان قد يضله عن هذا السبيل الحق ، ويغويه بالتمسك بالمال والولد بزعم انهما يغنياه شيئا ويجبران ضعفه الذاتي ، ولكن هيهات.
هل يعلم هذا الإنسان بأنه سيحصل على المال والولد حتى يؤكد ذلك تأكيدا ويقول : «لَأُوتَيَنَّ مالاً» بلام التأكيد ونونه؟ كلا .. وأبسط دليل على عدم علم الإنسان بالغيب هو أن يحاول كتابة قائمة تفصيلية لما سيعمله غدا ثم يحاول في اليوم الثاني بكل جهده أن يعمل كل الأعمال التي كتبها في برنامجه ، ولكنه سيجد نفسه قد فشل في تطبيق كثير من بنوده لأي سبب من الأسباب .. يقول الامام علي (ع) :
«عرفت الله بفسخ العزائم ونقض الهمم»
[٧٨] (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً)
إن ضمان تطبيق شيء لا يكون إلا عن طريق أمرين : اما العلم بالمستقبل ، واما قدرة الله ، ولكن الإنسان الذي ليس لديه ضمانة من الله ولا علم له بالمستقبل كيف يعتمد على شيء غير موجود. جاء في حديث في سبب نزول الآية ما يلي :
عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله عز وجل : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً) (ان العاص بن وائل بن هشام القرشي ثم السهمي وهو أحد المستهزئين ، وكان لخباب بن الأرت على العاص بن وائل حق ، فأتاه يتقاضاه ، فقال له العاص : ألستم تزعمون ان في الجنة الذهب والفضة والحرير؟ قال : بلى ، قال : فموعد ما بيني وبينك الجنة فو الله لأوتين