وأبعد مكان عن مكة فى صوب المدينة لأمير مكة الآن فيه كلام كثير : وادى «الهدة» (١) ـ هدة بنى جابر ـ وهى على مرحلة من «مرّ الظهران» (٢) ومر الظهران على مرحلة من مكة. وهو والهدة معدودان من أعمالها.
وولاة مكة الآن يأخذون ما يغرق فى البحر فيما بين جدة ورابغ (٣) ، ويرون أن ذلك يدخل فى عملهم.
و «جدة» من أعمال مكة فى تاريخه وفيما قبله. وهى على مرحلتين من مكة.
وليس كل ما ذكره ابن خرداذبة والفاكهى فى مخاليف مكة : داخلا فى الحجاز ، الذى هو : مكة ، والمدينة ، واليمامة ، ومخاليفها.
وقد عرّف الحجاز بذلك الإمام الشافعى ـ رضى الله عنه ـ وغيره.
وقيل : فى الحجاز غير ذلك. وسمى حجازا لحجزه بين تهامة ونجد. وقيل : فيه غير ذلك (٤). والله أعلم.
__________________
(١) الهدّة : بالفتح ثم التشديد ، وهو الخسفة فى الأرض ، والهدّ الهدم : وهو موضع بين مكة والطائف ، والنسبة إليها هدوىّ ، وهو موضع القرود ، وقد خفّف بعضهم داله. انظر : معجم البلدان «هدة».
(٢) مرّ الظّهران بفتح أوّله ، وتشديد ثانيه ، مضاف إلى الظهران ، بالظاء المعجمة المفتوحة. وبين مر والبيت ستّة ميلا.
قال سعيد بن المسبّب : كانت منازل عك مرّ الظهران. وقال كثيّر عزّة : سمّيت مرّا لمرارتها. وقال أبو غسّان : سمّيت بذلك لأنّ فى بطن الوادى بين مرّ ونخلة كتابا بعرق من الأرض أبيض : هجاء مرّ ، إلّا أنّ الميم غير موصولة بالراء. انظر : معجم البلدان «مر».
(٣) رابغ : بعد الألف باء موحّدة ، وآخره غين معجمة : واد يقطعه الحاج بين البزواء والجحفة دون عزور.
وقال ابن السكيت : رابغ بين الحجفة وودّان ، وقال فى موضع آخر : رابغ واد من دون الجحفة يقطعه طريق الحاجّ من دون عزور ، وقال الحازمىّ : بطن رابغ واد من الجحفة له ذكر فى المغازى وفى أيّام العرب ، وقال الواقدى : هو على عشرة أميال من الجحفة فيما بين الأبواء والجحفة. انظر : معجم البلدان «رابغ».
(٤) الحجاز : بالكسر ، وآخره زاى. قال أبو بكر الأنبارى : فى الحجاز وجهان : يجوز أن يكون مأخوذا من قول العرب حجز الرجل بعيره يحجزه إذا شدّه شدّا يقيده به ، ويقال للحبل حجاز ، ويجوز أن يكون سم حجازا لأنه يحتجز بالجبال ، يقال : احتجزت المرأة إذا شدّت ثيابها على وسطها واتّزرت ، ومنه قيل حجزة السراويل ، وقول العامة حزّة السراويل خطأ.
والحجاز : جبل ممتدّ حالّ بين الغور غور تهامة ونجد فكأنه منع كلّ واحد منهما أن يختلط بالآخر فهو حاجز بينهما ، وهذه حكاية أقوال العلماء.