فقيل له : وما علمك بذلك؟ فقال : إنكم حين أشرفتم به من العقبة ، لم يبق شجر ولا حجر إلا خرّ ساجدا ، ولا يسجدان إلا لنبى. وإنا نجده فى كتبنا. وسأل أبا طالب أن يرده خوفا عليه من اليهود (١).
وخرج الترمذى وحسنه ، والحاكم وصححه : أن فى هذه السفرة : أقبل سبعة من الروم يقصدون قتله صلىاللهعليهوسلم. فاستقبلهم بحيرا. فقال : ما جاء بكم؟ فقالوا : إن هذا النبى خارج فى هذا الشهر. فلم يبق طريق إلا بعث إليه ناس. فقال : أرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه. هل يستطيع أحد من الناس رده؟ قالوا : لا. قال : فبايعوه وأقاموا معه.
ورده أبو طالب ، وبعث معه أبو بكر بلالا. وفيه : وهمان. الأول : بايعوه على أى شىء. والثانى : أبو بكر رضى الله عنه لم يكن حاضرا ، ولا كان فى حال من يملك ، ولا ملك بلالا إلا بعد ذلك بنحو ثلاثين عاما.
ولما بلغ صلىاللهعليهوسلم عشرين سنة. وقيل : أربع عشرة. حضر مع عمومته حرب الفجار (٢). ورمى فيه بأسهم.
وحضر حلف الفضول. وهو حلف عقدته قريش على نصر كل مظلوم بمكة (٣).
وكان يرعى غنم أهله بأجياد على قراريط (٤).
ثم خرج صلىاللهعليهوسلم ثانيا مع ميسرة ـ غلام خديجة ابنة خويلد بن أسد ـ فى تجارة لها. وكانت رضى الله عنها استأجرته على أربع بكرات. ويقال استأجرت معه رجلا آخر من قريش حتى بلغ سوق بصرى. وقيل : سوق حباشة بتهامة. وله صلىاللهعليهوسلم إذ ذاك خمس وعشرون سنة لأربع عشرة ليلة بقيت من ذى الحجة ، فنزل صلىاللهعليهوسلم تحت ظل شجرة ، فقال
__________________
(١) انظر خبر بحيرا فى : (صفة الصفوة ١ / ٦٧ ، سيرة ابن هشام ١ / ١٦٥ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٢٧٧ ، البداية والنهاية ٢ / ٢٨٢ ، عيون الأثر لابن سيد الناس ١ / ٤٠ ، دلائل النبوة لأبى نعيم ٥٢ ، تاريخ الخميس ١ / ٢٤٠).
(٢) انظر : (البداية والنهاية لابن كثير ٢ / ٢٩٠ ، الوفا ١٣٢ ، الروض الأنف ١ / ٢٠٩ ، تاريخ الخميس ١ / ٢٥٥).
(٣) انظر : (سيرة ابن هشام ١ / ١٢٢ ، الوفا ١٣٣ ، البداية والنهاية ٢ / ٢٩١ ، تاريخ الخميس ٢٦١).
(٤) روى البخارى فى كتاب الإجارة (١ / ٣٢) : عن النبى صلىاللهعليهوسلم قال : ما بعث نبيا إلا رعى الغنم.
فقال أصحابه : وأنت؟ قال : نعم ، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة». وأخرجه ابن ماجة فى سننه ٢١٤٩ ، وابن سعد فى الطبقات ١ / ٨٠ ، وابن كثير فى البداية ٢ / ٢٩٥ ، وأبو نعيم فى الدلائل ١ / ٥٥ ، والبيهقى فى الدلائل ٢ / ٦٥).