ولم يعلم بخروجه عليهالسلام إلا على وآل أبى بكر رضى عنهم. فدخل غارا بثور جبل بأسفل مكة ، فأقام فيه ثلاثا. وقيل : بضعه عشر يوما. فأمر الله العنكبوت فنسجت على بابه ، والراة فنبتت ، وحمامتين وحشيتين فعششتا على بابه. قال السهيلى : وحمام الحرم من نسلهما.
ثم خرج منه ليلة الاثنين لأربع ليال خلون من ربيع الأول على ناقته الجدعاء. قالت أسماء رضى الله عنهما : فمكثنا ثلاث ليال لا ندرى أين وجه النبى صلىاللهعليهوسلم حتى أنشد رجل من الجن شعرا سمعه الناس وما يرونه :
جزى الله رب الناس خير جزائه |
|
رفيقين حلا خيمتى أم معبد |
هما نزلا بالبر ثم تروحا |
|
فأفلح من أمسى رفيق محمد |
ليهن بنى كعب مكان فتاتهم |
|
ومقعدها للمؤمنين بمرصد |
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها |
|
فإنكم إن تسلوا الشاة تشهد |
دعاها بشاة حائل فتحلبت |
|
له بصريح ضرة الشاة مزبد |
فغادره رهنا لديها لحالب |
|
يدر لها فى مصدر ثم مورد |
وكان النبى صلىاللهعليهوسلم نزل بقديد على أم معبد عاتكة بنت خالد ، فمسح ضرع شاة مجهودة وشرب من لبنها وسقى أصحابه ، واستمرت تلك البركة فيها. ولما مر بها قريش سألوها عنه ووصفوه. فقالت : ما أدرى ما تقولون قد ضافنى حالب الحائل. فقالوا : ذاك الذى نريد.
وفى الإكليل قصة أخرى شبيهة بقصة أم معبد. قال الحاكم : فلا أدرى أهى هى أم غيرها؟.
فلما راحوا من قديد تعرض لهما سراقة بن مالك بن جعشم المدلجى ، فدعا عليه النبىصلىاللهعليهوسلم فساخت قوائم فرسه ، فطلب الأمان فأطلق ورد من وراءه.
وأقام على رضى الله عنه بعد مخرجه صلىاللهعليهوسلم ثلاثة أيام ، ثم أدركهم بقباء ، وقد نزل صلىاللهعليهوسلم على كلثوم بن الهدم ـ وقيل : سعد بن خيثمة ـ يوم الاثنين سابع ، وقيل : ثامن عشر ربيع. وكان مدة مقامه هناك مع النبى صلىاللهعليهوسلم ليلة أو ليلتين.
وأمر صلىاللهعليهوسلم بالتاريخ ، فكتب من حين الهجرة. قال ابن الجزار : ويعرف بعام الأول. وقيل : إن عمر رضى الله عنه أول من أرخ وجعله من المحرم ، وقيل : يعلى بن أمية : إذ كان باليمن. وقيل : بل أرخ بوفاته صلىاللهعليهوسلم.
وكان نزوله صلىاللهعليهوسلم بقباء يوم الاثنين لثمان خلون من ربيع الأول وهو الرابع من برماه ،