والعاشر من أيلول سنة تسعمائة وثلاثة وثلاثين لذى القرنين ويقال : لاثنتى عشرة ليلة خلت منه حين اشتد الضحى ، ويقال : لهلال ربيع. ويقال فى أوله. فأقام بها أربع عشر ليلة ، ويقال : خمسا ، ويقال : أربعا ، ويقال : ثلاثا ، فيما ذكره الدولابى ، ويقال : اثنتين وعشرين ليلة. وأسس به مسجدا ، وهو أول مسجد أسس فى الإسلام.
وفى كتاب ابن البرقى : قدمها ليلا ، ثم خرج صلىاللهعليهوسلم من قباء يوم الجمعة لاثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع فى قول ابن الكلبى. وقال ابن الجوزى : لليلتين خلتا منه. وفيهما نظر.
فجمع فى بنى سالم بن عوف ببطن الوادى. ثم قدم المدينة. فبركت ناقتهصلىاللهعليهوسلم على باب مسجده ثلاث مرات ، وهو يومئذ مربد لسهل وسهيل ابنى عمرو ، يتيمين فى حجر أسعد بن زراة. ويقال معاذ بن عفراء ، فاشتراه صلىاللهعليهوسلم بعشرة دنانير.
ونزل برحله صلىاللهعليهوسلم على أبى أيوب لكونه من أخوال عبد المطلب فأقام صلىاللهعليهوسلم عنده سبعة أشهر ، وقيل : إلى صفر من السنة الثانية. وقال الدولابى : شهرا.
فكان أول كلمة سمعت منه عليه الصلاة والسلام : «أفشو السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام» (١).
وكان بالمدينة أوثان يعبدها رجال ، فأقبل حينئذ قومهم عليها فهدموها. وبعث النبىصلىاللهعليهوسلم زيد بن حارثة ، وأبا رافع ببعيرين وخمسمائة درهم إلى مكة ، فقدما بفاطمة ، وأم كلثوم ، وسودة بنت زمعة ، وأسامة بن زيد ، وأمة بركة ، المكناة : أم أيمن رضى الله عنهم.
وخرج عبد الله بن أبى بكر رضى الله عنهما معهم بعيال أبيه. وكان صلىاللهعليهوسلم يصلى حيث أدركته الصلاة حتى بنى المسجد باللبن ، وسقفه بالجريد ، وجعل عمده خشب النخل ، وجعل قبلته إلى بيت المقدس ، وجعل له ثلاثة أبواب : بابا فى مؤخره ، وبابا يقال له : باب الرحمة ، والباب الذى يدخل منه.
وكان صلىاللهعليهوسلم يخطب إلى جذع فى المسجد. فلما اتخذ صلىاللهعليهوسلم المنبر ثلاث درجات بينه وبين الحائط ممر الشاة : خار عند ذلك الجذع كالبقرة أو الناقة : فنزل صلىاللهعليهوسلم واحتضنه حتى سكن ، وقال : «لو لم ألتزمه لحن إلى يوم القيامة» (٢).
__________________
(١) أخرجه الترمذى فى الأطعمة حديث رقم ١٨٥٤ ، ١٨٥٥ ، ٢٤٨٥ ، ٢٥١٠ ، ٢٦٨٨ ، وابن ماجة فى سننه كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها ، حديث رقم ١٣٣٤ ، ٢٢٥١ ، ٣٢٥٢ ، وأحمد ابن حنبل فى المسند ٦٨٠٩.
(٢) حديث حنين الجزع أخرجه البخارى فى صحيحه ، كتاب المناقب ، باب علامات النبوة فى ـ