مصر ، وجرد العسكر إلى صنعاء ، فهرب منها المنصور عبد الله بن حمزة الحسنى ولحق بالجبال ، وملك المسعود البلاد ، ويقال : إنه قتل باليمن ثمانمائة شريف وخلقا من الأكابر.
ثم ملك مكة فى ربيع الآخر ، وقيل الأول ، من سنة عشرين وستمائة ، وقيل فى سنة تسع عشرة وستمائة ، انتزعها من حسن بن قتادة ، بعد أن تحاربا بين الصفا والمروة ، وثبت عسكر الملك المسعود بمكة إلى العصر ، وجرت أمور عجيبة ، وكثر الجلب إلى مكة فى أيامه ، وأمنت الطرق ، وقلت الأشرار ، لعظم هيبته.
وكان شهما مقداما ، منع إطلاع علم الخليفة الناصر لدين الله العباسى إلى جبل عرفة ، وأطلع علمه وعلم أبيه ، ويقال : إنه أذن فى إطلاعه قبيل الغروب ، لما ليم فى ذلك وخوف ، وذلك فى سنة تسع عشرة ، وبدا منه فى هذه السنة ، تجبر وقلة دين ، فإن سبط ابن الجوزى ، ذكر أن شيخه جمال الدين الحصرى قال : قال : رأيته وقد صعد على قبة زمزم ، وهو يرمى حمام مكة بالبندق ، ورأيت غلمانه يضربون الناس بالسيوف فى أرجلهم بالمسعى ، ويقولون : اسعوا قليلا قليلا ، فإن السلطان نائم سكران ، فى دار السلطنة التى بالمسعى ، والدم يجرى على ساقات الناس.
وكان ظلم التجار ، لم عزم على التوجه إلى اليمن ، بعد موت عمه الملك المعظم صاحب دمشق ، طمعا فيها ، فلم يصل إلى مكة إلا وقد فلج ، ويبست يداه ورجلاه ، ورأى فى نفسه العبر ، فلما حضر ، بعث إلى رجل مغربى ، وقال : والله ما أرضى لنفسى من جميع ما معى كفنا أكفن فيه ، فتصدق علىّ بكفن. فبعث إليه نصفتين بغدادى ، ومائتى درهم ، فكفنوه فيهما.
وكانت وفاته فى ثالث عشر جمادى الأولى ، سنة ست وعشرين وستمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، وبنى عليه بعد ذلك قبة ، هى مشهورة إلى الآن.
هكذا أرخ وفاته المنذرى فى التكملة ، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى.
وما ذكره صاحب بهجة الزمن ، من أنه توفى فى ربيع الأول من هذه السنة ، وهم ، وإنما خرج من اليمن فى هذا الشهر ، كما قال الحاتمى ، فاشتبه تاريخ خروجه بتاريخ موته.
وأما ما ذكره الجندى ، من أنه توفى مسموما فى رجب ، وقيل فى شعبان ، سنة خمس وعشرين ، فخطأ بلا شك.