بالله الرجوع إلى سرّ من رأى فأبى عليهم قدموا بسرّ من رأى يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة خلت من المحرم ، فاجتمع الموالى وكسروا باب لؤلؤة ، وأنزل المعتز فبايعوه ، وخلعوا المستعين ، فركب المعتزّ بالله إلى دار العامة يوم الخميس في المحرم سنة إحدى وخمسين ومائتين ، فبايعه الناس وعقد لنفسه لواء أسود ، وخلع على إبراهيم المؤيد بالله وعلى أحمد المعتمد على الله وعلى أبي أحمد الموفق ، وأنهضه إلى بغداد مطالبا ببيعته التي أكدها له المتوكل على الله في أعناقهم ، ومعه (١) جماعة من الفقهاء ، فشخص أبو أحمد يوم السبت لسبع بقين من المحرم.
وحصّن (٢) محمّد بن عبد الله بن طاهر بغداد ورمّ سورها ، وأصلح أبوابها وعسكر أبو أحمد بالشماسية (٣) ووقع الحرب يوم الأحد (٤) للنصف من صفر فاتصلت الوقائع.
قال أبو بشر : وسمعت جعفر بن علي الهاشمي يقول : بويع المعتز يوم الأربعاء لاثنتي عشرة (٥) ليلة خلت من المحرم ، وتوجه أبو أحمد بن المتوكل على الله إلى بغداد في عشرة آلاف من سرّ من رأى فواقع أهل بغداد ، فقتل من الفريقين خلق عظيم ، وكانت هذه السنة فتنة المعتز والمستعين.
قال : وأخبرني أبو موسى العباسي قال : لما وجّه المعتزّ بالله أخاه أبا أحمد الموفق يحصرهم ، وأقام المستعين ببغداد إلى أن خلع سنة ، واشتد الحصار على أهل بغداد ، وقد كان أهل بغداد لما دخل إليهم المستعين أحبوه ، ومالوا نحوه غاية الميل حتى نزل بهم من الحصار ما نزل فنسبوا محمّد بن عبد الله بن طاهر إلى المداهنة في أمر المستعين بالله ، وهجموا منزله يريدون نفسه.
قال : وأخبرني علي بن الحسن بن علي ، قال : شرع في خلع المستعين بالله فوثبت العامة على محمّد بن عبد الله بن طاهر ، وذمرت (٦) عليه ، ونقل المستعين بالله من داره إلى الرصافة.
__________________
(١) رسمها مضطرب بالأصل وم وصورتها «ومعير» والصواب عن تاريخ بغداد.
(٢) بالأصل : «وخص» وفي م : وحص والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٣) قوله : «وعسكر أبو أحمد بالشماسية» أثبت عن تاريخ بغداد ٢ / ١٢٣ والعبارة بالأصل مضطربة وغير مقروءة وصورتها : «وعسلرها أحمد بالساسبة» وفي م : «وعسكرها أحمد بالسياسة».
(٤) تاريخ بغداد : يوم السبت.
(٥) بالأصل : عشر.
(٦) كذا ، وفي القاموس : وتذمر عليه : تنكر له ، وأوعده.