بلغني أن عبد العزيز بن زرارة خرج مع يزيد بن معاوية غازيا إلى بلاد الروم ، فمات ، فكتب يزيد ينعيه إلى معاوية فورد الكتاب على معاوية وزرارة عنده فقال : يا زرارة إن في هذا الكتاب موت فتى (١) العرب قال : هو ذا ابنك يا أمير المؤمنين أو ابني ، قال : بل هو ابنك عبد العزيز ، فأعظم الله عليه أجرك وجزع (٢) عليه معاوية ، فخرج زرارة وهو يقول (٣) :
ألا زان قتل عبد العزيز |
|
يصلى الحروب وسد الثغورا |
وزان المنابر عبد العزيز |
|
وزان النشاط وزان السريرا |
وأورى زناد بني عامر |
|
غلاما وقضى عليه الأمورا |
فحاط الحريم وكف العظيم |
|
وأغنى الفقير وأعطى الكسيرا |
ولم ير ما كان من فعله |
|
كثيرا ولكن رآه صغيرا |
وما زال مذ كان عبد |
|
العزيز إما وزيرا وإما أميرا |
رمته المنون على غربة |
|
بسهم ، فأصبح حدي عثورا |
نعاه ابن حرب إليّ الغداة |
|
فأصبحت شيخا مصابا ضريرا |
وقال : فتى الناس في حفرة |
|
تجرّ عليه الأعاصير مورا |
فقلت له ابنك زار القبور |
|
أم ابني معاوي زار القبور؟ |
فقال : بل ابنك عبد العزيز |
|
فكاد الفؤاد له أن يطيرا |
فإن يكن الموت أودى به |
|
وأصبح (٤) نبح الكلاب زيرا |
فكلّ فتى شارب كأسه |
|
فإمّا صغيرا وإمّا كبيرا |
وذهب أكثر (٥) قومه بأرض الروم ، فمرّ عليه مروان بن الحكم وهو على حاله (٦) ، فسأله : كيف أنت؟ فقال : بخير أنبتنا الله فأحسن نباتنا (٧) ، وحصدنا فأحسن حصادنا.
__________________
(١) اللفظة غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن الوافي بالوفيات ، وفي ابن حزم : هذا كتاب ينعى سيد العرب.
(٢) بالأصل : «وخرج» والصواب عن الوافي.
(٣) بعضها في الوافي ١٤ / ١٩٤.
(٤) عجزه في الوافي : وأصبح مخ الكلابي ريرا.
(٥) عن ابن حزم والوافي ، وبالأصل : أكبر.
(٦) في الوافي : «ما له» وفي ابن حزم : ماء له.
(٧) بالأصل : «أثبتنا فأحسن ثباتنا» والمثبت عن ابن حزم والوافي.