له : أكرمني بأكله ، فقال : أريد ألذّ من هذا ، قلت : وأي شيء تريد؟ قال : هذا لمن (١) لا يعرف الحلوى ولا يعرف أكله ، وإن أهل معرفة الله يتخذون خلاف هذا اللوزينج فقلت : لا [أظن](٢) أحدا في الدنيا يحسن أن يتخذ أجود من هذا ، وإن هذا من مطبخ أمير المؤمنين المتوكل على الله ، فقال : أنا أصف لك لوزينج المتوكل ، فقلت : هات ، له أبوك ، قال : خذ لباب مكنون محض طعام المعرفة ، فاعجنه بماء الاجتهاد ، وانصب أثفية الانكماد ، وطابق صفو الوداد ، ثم اخبز خبز لوزينج العبّاد بحرّ نيران الزهّاد ، وأوقده بحطب الأسى حتى ترمي نيران وقودها بشرر الضنا ، ثم احش ذلك بقند الرضا ، ولوز الشجا مرضوضان بمهراس الوفاء ، مطيبان [بطينة](٣) رقة عشق الهوى ، ثم اطوه طي الأكياس للأيام بالعزى ، وقطعه بسكاكين السهر جوف الدجى ، ورفض لذيذ الكرى ، ونضّده (٤) على جامات القلق والشهق ، وانثر عليه سكرا يعمل من زفرات الحرق ، ثم كله بأنامل التفويض في ولائم المناجاة ، بوجدان خواطر القلوب ، فعند ذلك تفريج كرب القلوب ومحل سرور المحبّ بالملك (٥) المحبوب ثم ودّعني وخرج [٤٣٦٦].
__________________
(١) بالأصل : «من» والصواب عن الحلية.
(٢) ما بين معكوفتين زيادة عن الحلية.
(٣) زيادة عن هامش الأصل ، والحلية : «بطينة» وفي بغية الطلب : بطيبة.
(٤) عن الحلية وابن العديم ، وبالأصل : «ويصدده».
(٥) عن الحلية وابن العديم وبالأصل : «بما كربه».