فقال الفرزدق (١) :
أمسكين أبكى الله عينيك إنما |
|
جرى في ضلال دمعها إذ تحدّرا |
بكيت امرأ من أهل ميسان (٢) كافرا |
|
ككسرى على عدّانه (٣) أو كقيصرا |
أقول لهم لما أتاني نعيه : |
|
به لا بظبي (٤) بالصريمة أعفرا |
فقال له مسكين :
ألا أيها المرء الذي لست قائما |
|
ولا قاعدا (٥) في القوم إلّا انبرى ليا |
فجئني بعمّ مثل عمي أو أب |
|
كمثل أبي أو خال صدق كخاليا |
قال : وأنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة النحوي ، نا إسماعيل بن إسحاق الأزدي ، نا سليمان بن حرب ، نا حمّاد بن زيد ، نا المجالد ، عن الشعبي ، قال : مات زياد بالكوفة سنة ثلاث وخمسين فرثاه مسكين الدارمي فقال :
صلّى الإله على قبر وساكنه |
|
دون الثّويّة (٦) تجري فوقه المور |
أبا المغيرة والدنيا مغيّرة |
|
إنّ امرأ غرّت الدنيا لمغرور |
فقال الفرزدق لمسكين :
أمسكين أبكى الله عينيك إنما |
|
جرى في ضلال دمعها إذ تحدّر |
وذكر الأبيات.
أنبأنا خالي القاضي أبو المعالي محمّد بن يحيى القرشي ، أنا عبد الله بن عبد الرزاق بن عبد الله بن الفضيل ، أنا محمّد بن أحمد بن أبي الصقر ، أنا محمّد بن المغلّس ، أنا الحسن بن رشيق ، نا يموت بن المزرّع ، نا محمّد بن حميد ، عن عمه ، قال : قال مسكين الدارمي :
__________________
(١) الأبيات في ديوانه ١ / ٢٠٦ والأغاني ٢٠ / ٢٠٦.
(٢) كورة بين البصرة وواسط.
(٣) العدان : الزمان ، أي على زمانه وعهده.
(٤) قوله : «به لا بظبي» مثل يضرب عند نعي العدو ، وهو دعاء لهم في الشماتة.
(٥) في الأغاني : لست قاعدا ولا قائما.
(٦) الثوية : موضع قريب من الكوفة (معجم البلدان).