بالسلطان أفسد دنياه ، ومن استخفّ بالعالم أفسد دينه ، ومن استخفّ بالصديق أفسد مروءته.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا إسماعيل بن يونس ، نا الرياشي ، عن مؤرّج ، قال : قيل لزياد : من المحظوظ المغبوط عندكم؟ قال : من طال عمره ورأى في عدوه ما يسره.
وقيل لمعاوية : ما الحظ؟ قال : ما أقعص عنك ما تكره.
قال : وحدثنا أحمد بن مروان ، نا أحمد بن علي ، نا الأصمعي ، قال : قدم على زياد نفر من الأعراب ، فقال خطيبهم : أصلح الله الأمير نحن وإن كانت ترغب بنا أنفسنا إليك ، وأنضينا ركابنا نحوك التماسا لفضل عطائك ، عالمون بأنه لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع الله ، وإنما أنت أيها الأمير خازن ، ونحن رائدون ، فإن أذن لك فأعطيت حمدنا الله ، وإن لم يؤذن لك فأمسكت حمدنا الله ، ثم جلس فقال زياد : بالله ما رأيت كلاما أبلغ ولا أوجز ، ولا أنفع في عاجله منه ثم أمر لهم بما يصلحهم.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا الحسن بن عيسى بن المقتدر ، نا أبو العباس أحمد بن منصور اليشكري ، نا ابن دريد ، عن أبي حاتم ، عن العتبي ، قال :
كان زياد يغدّي ويعشّي إلّا يوم الجمعة فإنه كان يعشّي ولا يغدّي ، وكان لا يطعم طعاما إلّا مع العامة فأتاه يوما مولاه .... (١) فوضعها على مائدته فأمسك ليؤتى العامة بمثلها ، فلما أبطأ قال : ما هذه؟ قال : لم يكن عندنا ما يسع العامة فأمر بها فرفعت ، ثم لم يقدم حتى وضعوا للعامة مثلها ، وأبطأ يوما بالغداء وعنده ناس من الدهاقين ينظر في أمورهم ، فقال المحسن بن شعبة الضّبّي ، وكان أكولا مهذارا ألاغداء برده (٢) ورفع بها صوته ، فقال بعض الدهاقين بالفارسية : بأى ديون ابتلينا بهؤلاء الكلاب ، ففهمها زياد ، فقال : بكفرك وجرأتك على الله. وقال للمحسن : لا تعد لمثل هذا ودعا بالغداء فتغدا ، وكان قبيح الوجه نهما ، فقال له زياد يوما وهمّ يتغدى معه كم
__________________
(١) لفظتان غير واضحتين وفي م : «قبل شهده».
(٢) كذا وفي م : «الا عدا يرده».