«أعطيه هذا الغلام» ـ يعني سعيد بن العاص وهو واقف ـ فلذلك سميت الثياب السّعيديّة (١).
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن علي ، أنبا أبو بكر محمّد بن علي الخياط ، أنا أحمد بن عبد الله بن الخضر ، أنا أبو جعفر أحمد بن أبي طالب ، حدّثني أبي أبو طالب علي بن محمّد ، حدّثني أبو عمرو محمّد بن مروان بن عمر القرشي ، أخبرني عبد الله بن يحيى السعيدي من كتب عتيقة لجده عبد الله بن يحيى قال :
يروى أنه لما استقرت بمعاوية الدار وسبالة الأمر وفد إليه سعيد بن العاص فدخل عليه ، فلما أبصره غمز عمرو بن العاص وفهم ذلك سعيد فقال معاوية : يا ابن العاص حيّاك الله بالسّلام ، وأسعدك بسلامة المقدم ، نعم الزائر لما سكن الأمر فالاقبل (٢) وقد شفى بنا الأمر على تلف المهج ، ونحن كأفراخ الحجل وقد انتقض رقانها (٣) فهي تبحث الغوغاء للقط الحبّ ونحن لدى المعركة يصرعنا الخوف (٤) ويحيينا الأجل ، وقد كثرت عن روق الأسنة ، والخيل تجنح بالكماة ، ونار الحرب تستعر وقد علت الغماغم ، وترامت الحدق وجفر كل أمر مهمه وجرض الجبان برتقه واشتكت الاسماع من قرع الحجف حتى إذا راحت وخمد هريرها أسدلت أيمنك وتهادلت على الرسل ، ولكنك كما قال الفقعسي في سليم بن قحف
وأسلمني لما رأى الخيل أقفلت |
|
عشية يهدي القوم نصر بن مالك |
وقام ينعي ناديا ثم عابني |
|
بنهبي جازاني ببيض السنابك |
فلما قتلت المرء واشتقت حشه (٥) |
|
أتاني فهناني سليم بذلك |
وأعرضت عما (٦) كان من قبح فعله |
|
وقاسمته نهبي كفعل المشارك |
فقال سعيد : بئست التحية من ابن العم على بعد اللقاء ، أفصحت بالسب ، وأبدأت الحي وإني لأحسب مآثر القوم قد خرجت جنبيك ، وإنك لمثقف القناة لطعن الثّغرة ،
__________________
(١) الخبر في الإصابة ٢ / ٤٨ وفيه : «الثياب السعدية» والوافي بالوفيات ١٥ / ٢٢٨.
(٢) كذا رسمها بالأصل وم «فالا قبل».
(٣) كذا رسمها بالأصل ، وفي م : «رمانها».
(٤) رسمها بالأصل : «الحر» وفي م : تصرعنا الحرب ولعل الصواب ما أثبت.
(٥) كذا رسمها بالأصل وم.
(٦) بالأصل : وعنا ، والمثبت عن م.