فقال سعيد : ويحك ما أردت إلّا الدراهم ، فإذا توهمت الدنانير فاعطه الدنانير ، قال : فقبضها الأعرابي ثم جلس يبكي فقال له سعيد : ما يبكيك أليس قد قضى الله حاجتك؟ قال : بلى ، ولكن أبكي على الأرض تأكل مثلك.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك ، أنا أبو الحسن بن السّقّاء ، وأبو محمّد بن بالوية ، قالا : نا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، قال : سمعت العباس بن محمّد يقول : سمعت يحيى بن معين يقول : سأل أعرابي سعيد بن العاص فقال : يا غلام أعطه خمس مائة فقال الأعرابي : خمس مائة ما ذا؟ قال : خمس مائة دينار ، قال : فأعطاه ، فجعل الأعرابي يقلب الدنانير بيده ويبكي ، فقال له سعيد : ما يبكيك يا أعرابي؟ قال : أبكي والله أن تكون الأرض تبلي مثلك.
أخبرنا أبو العز بن كادش ـ إذنا ومناولة ـ وقرأ علي إسناده ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا ، نا عبيد الله بن محمّد بن جعفر الأزدي ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني سليمان بن منصور الخزاعي ، نا أبو سفيان الحميري ، عن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري ، قال : قدم أعرابي المدينة يطلب في أربع ديات حملها فقيل له : عليك بالحسن بن علي ، عليك بعبد الله بن جعفر ، عليك بسعيد بن العاص ، عليك بعبيد الله بن العباس فدخل المسجد ، فرأى رجلا يخرج ومعه جماعة. فقال : من هذا؟ فقيل : سعيد بن العاص ، فقال : هذا أحد أصحابي الذين ذكروا لي ، فمشى معه فأخبره بالذي قدم له ، ومن ذكر له وأنه أحدهم وهو ساكت لا يجيبه. فلما بلغ باب منزله قال لخازنه : قل لهذا الأعرابي فليأت بمن يحمل له. فقيل له : ائت بمن يحمل لك. قال : عافى الله سعيدا إنما سألناه ورقا لم نسأله تمرا ، قال : ويحك : ائت بمن يحمل لك ، فأخرج إليه أربعين ألفا ، فاحتملها الأعرابي فمضى إلى البادية ولم يلق غيره (١).
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن علي ، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد ، أنا أحمد بن عبد الله بن الخضر ، أنا أحمد بن علي بن محمّد ، حدّثني أبي ، حدّثني محمّد بن مروان بن عمرو ، حدّثني محمّد بن الحسن ..... (٢) ، نا أبو مروان المرواني ، نا يحيى بن سعيد الأموي ، حدّثني أبي قال :
__________________
(١) الخبر في البداية والنهاية بتحقيقنا ٨ / ٩٣.
(٢) رسمها وإعجامها مضطربان ورسمها : «التيشي» وفي م : القسي.