كان سعيد بن العاص واليا لمعاوية على المدينة فأصاب الناس سنة فأقحموا (١) فأطعمهم سعيد حتى أنفق ما في بيت المال ، وادّان فكتب إلى معاوية فغضب ، وقال : لم يرض أن أنفق مالنا حتى ادّان فعزله (٢).
فلما احتضر دعا ابنه عمرا فقال : إني قد رضيت غيبتك وشهادتك فانظر ديني فاقضه واكسر فيه أموالي ولا يعطه عني معاوية ، وانظر بناتي فلتكن قبورهن بيوتهن إلّا من الأكفان ، وانظر إخواني لا يفقدوني ، احفظ منهم ما كنت أحفظ ، فلما بلغ معاوية موته قال : رحم الله أبا عثمان مات من هو أكبر مني ومن هو أصغر مني (٣) :
إذا سار من دون امرئ وأمامه |
|
وأوحش من إخوانه فهو سائر |
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، نا أبو الفوارس طراد بن محمّد الزينبي ـ إملاء ـ أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن وصيف ، أنا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم ، نا محمّد بن يونس بن موسى القرشي ، نا الأصمعي ، نا شبيب ، قال :
لما حضرت سعيد بن العاص الوفاة قال لبنيه : أيكم يقبل وصيتي؟ قال ابنه الأكبر : أنا يا أبه ، قال : فإن فيها قضاء ديني ، قال : وما دينك يا أبه؟ قال : ثمانون ألف دينار ، قال : وفيم أخذتها يا أبه؟ قال : يا بني ، في كريم سددت منه خلة ، وفي رجل أتاني في حاجة ودمه ينزو في وجهه من الحياء ، فبدأته بها قبل أن يسألني.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغساني ، أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو محمّد بن زبر ، نا مجد بن يونس ، نا الأصمعي ، نا شبيب بن شيبة الخطيب قال :
لما حضرت سعيد بن العاص الوفاة قال لبنيه : أيكم يقبل وصيتي؟ فقال ابنه الأكبر : أنا يا أبه ، قال : إن فيها قضاء ديني ، قال : وما دينك يا أبه؟ قال : ثمانون ألف دينار ، قال : يا أبه وفيم أخذتها؟ قال : يا بني ، في كريم سددت منه خلة ، وفي رجل
__________________
(١) بالأصل : أقمحوا ، والصواب عن م واللسان وفيه : أقحموا وأقحموا : أدخلوا بلاد الريف هربا من الجدب (اللسان : قحم).
(٢) الخبر باختصار في سير الأعلام ٣ / ٤٤٧.
(٣) البيت في التعازي والمراثي للمبرد ص ٥٢ ، وعيون الأخبار ٣ / ٦١ والبداية والنهاية بتحقيقنا ٨ / ٩٤ بدون نسبة.