محمّد بن سلّام قال : دخل آذن معاوية إليه يوما فاستأذنه فقال : يا أمير المؤمنين ، بالباب رجل يقال له سعيد بن عريض من أهل الحجاز فقال : أي والله ، ائذن له فدخل عليه ومعاوية جالس على طنفسة ، ونعلاه في رجليه ، وهو متوشح بملحفة ، فأكثر الترحيب به ، وأدنى مجلسه وأخذ بيده ، وقال : يا ابن عريض ما فعل مالك بالحجاز؟ قال : على أحسن حال يا أمير المؤمنين ، نعود به على الجار والقريب والصديق ونطعم الجائع ونكسو العاري ، ونعين ابن السبيل ، فقال معاوية : أفلا تبيعنيه؟ قال : بلى ، قال : وكم الثمن؟ قال : خمسمائة ألف درهم ، قال : لقد أكثرت يا ابن عريض أما إذا منعتني مالك ، فأنشدني مرثية أبيك نفسه ، قال : نعم فأنشده (١) :
إنّ امرأ أمن الحوادث ضلّة (٢) |
|
ورجا الخلود كضارب بقداح |
يا ليت شعري حين أندب هالكا |
|
ما ذا تبكّيني به أنواحي؟ |
أيقلن : لا تبعد؟ فربّ عظيمة (٣) |
|
فرّجتها بشجاعة وسماحي |
ولقد أخذت الحقّ غير مخاصم |
|
ولقد نطقت (٤) الحقّ غير ملاحي |
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، وأبو بكر اللفتواني قالا : أنا أبو منصور بن شكرويه.
ح وأخبرنا أبو بكر اللفتواني ، أنا محمّد بن أحمد بن علي السّمسار.
ح وأخبرنا أبو طاهر محمّد بن أبي نصر بن أبي القاسم هاجر ، أنا محمود بن جعفر بن محمّد الكوسج ، قالوا : أنا أبو إسحاق بن خرشيذ قوله ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد المخرمي ، نا الزّبير بن بكّار (٥) ، نا عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، أخبرني خالي يوسف بن الماجشون ، قال : كان عبد الملك بن مروان إذا قعد للقضاء (٦) قيم على رأسه بالسيوف فأنشد (٧) :
__________________
(١) الأبيات في ديوان السموأل ط بيروت ص ٨٦.
(٢) الديوان : جاهل.
(٣) الديوان : كريهة.
(٤) الديوان : بذلت.
(٥) الخبر والشعر في الأغاني ٢٢ / ١٢٤ ولم ينسب الأبيات إنما وردت ضمن أخبار سعية بن عريض.
(٦) العبارة في الأغاني : للقضاء بين الناس أقام وصيفا على رأسه ينشده.
(٧) الأبيات في ديوان السموأل ط بيروت ص ٨٦.