والكشوح أوشحة من ودع (١) ، وكما قالوا : قوم لطاف الأزر أي خماص البطون ومما يشهد لهذا المذهب الذي ذهبناه في الخدمتين أنه روي من وجه آخر أن سلمان رئي في هذه السرية على حمار وعليه قميص قصير ضيق الأسفل ، وكان رجلا طويل الساقين كثير الشعر فارتفع القميص حتى بلغ قريبا من ركبتيه ، فلما انكشفت ساقاه وهما مخدّماه سمّاهما مخدّمتين ولو كانتا مستورتين لكان المعنى أبعد ولعله أن يكون : كان على الحمار مدلّيا رجليه من جانب وهما يتحركان ، فقد روي عن حذيفة أنه ركب هذه الركبة وعن غيره (٢)
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا قالا : أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أخبرنا أبو الطيب عثمان بن عمرو بن محمّد بن المنتاب ، حدّثنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، حدّثنا الحسين بن الحسن أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا عبد الله بن شوذب قال : سمعت مالك بن دينار يحدث عن أبي غالب ، عن أبي الدّرداء قال :
زارنا سلمان من المدائن إلى الشام ماشيا وعليه كساء وأندرورد ـ يعني : سراويل مشمرة ـ.
قال ابن شوذب رئي سلمان وعليه كساء مطموم الرأس (٣) ، ساقط الاذنين يعني أنه كان أرقش (٤) ، فقيل له شوهت بنفسك فقال : إن الخير خير الآخرة.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو نصر بن قتادة ، أنا عبد الله بن أحمد بن سعد ، نا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم البوشنجي (٥) ، نا ابن عائشة ، نا حمّاد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن ميسرة : أن سلمان كان إذا سجدت له العجم طأطأ رأسه وقال : خشعت لله ، خشعت لله.
__________________
(١) شبه بياض الظباء ببياض الودع ، وفي اللسان : الكشح واحد الكشوح : أحد جانبي الوشاح ، وقيل : هو ما بين الحجبة إلى الإبط ، وقيل : هو الخصر.
(٢) والذي في اللسان : خدم وبعد ذكره الحديث قال : أراد بخدمتيه ساقيه لأنهما موضع الخدمتين وهما الخلخالان ، وقيل أراد بهما مخرج الرجلين من السراويل.
(٣) مطموم الرأس أي مجزوز الشعر مستأصله (النهاية لابن الأثير).
(٤) بالأصل : أرفس ، والصواب ما أثبت عن مختصر ابن منظور ١٠ / ٤٨ والأرقش الأذنين أي أذرأ ، والرقشة لون فيه كدرة وسواد ونحوهما (اللسان).
(٥) بالأصل البوسنجي بالسين المهملة ، والصواب ما أثبت بالشين المعجمة نسبة إلى بوشنج.