يحيى بن إبراهيم المزكي ، أنبأ أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السّلمي ، قال : شقيق بن إبراهيم الأزدي ، أبو علي من أهل بلخ ، حسن الكلام في التوكل وغيره ، كان أستاذ حاتم الأصم ، صحب إبراهيم بن أدم وغيره ، وهو من أشهر مشايخ خراسان بالتوكّل ، ومنه وقع أهل خراسان إلى هذه الطرق.
سمعت أبا المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن يقول : سمعت أبي أبا القاسم يقول (١) : ومنهم أبو علي شقيق بن إبراهيم البلخي ، من مشايخ خراسان ، له لسان في التوكّل ، وكان أستاذ حاتم الأصم.
سمعت الشيخ أبا عبد الرّحمن السلمي يقول : سمعت أبا الحسين بن أحيد العطار البلخي يقول : سمعت أحمد بن محمّد البخاري يقول : قال حاتم الأصم (٢) :
كان شقيق بن إبراهيم موسرا ، وكان يتفتى ويعاشر الفتيان ، وكان علي بن عيسى بن ماهان أمير بلخ ، وكان يحب كلاب الصيد ، ففقد كلبا من كلابه ، فسعى برجل أنه عنده ، وكان الرجل في جوار شقيق ، فطلب الرجل وضرب (٣) ، فدخل دار شقيق مستجيرا ، فمضى شقيق [إلى](٤) الأمير وقال : خلوا سبيله فإن الكلب عندي أردّه إليكم إلى ثلاثة أيام ، فخلّوا سبيله ، وانصرف شقيق مهتما لما صنع ، فلما كان اليوم الثالث ، كان رجل غائبا من بلخ رجع ، فوجد في الطريق كلبا عليه قلادة ، فأخذه ، وقال أهديه إلى شقيق ، فإنه يشتغل بالتفتي ، فحمله إليه ، فنظر شقيق فإذا هو كلب الأمير ، فسرّ به ، وحمله إلى الأمير وتخلص من الضمان ، فرزقه الله الانتباه ، وتاب مما كان فيه ، وسلك طريق الزهد.
قال القشيري (٥) : وقيل : كان سبب توبته (٦) أنه كان من أبناء الأغنياء ، خرج للتجارة إلى أرض الترك وهو حدث ، ودخل بيت الأصنام ، فرأى خادما للأصنام قد حلق رأسه ولحيته ، ولبس ثيابا أرجوانية ، فقال شقيق للخادم : إن لك صانعا حيا عالما
__________________
(١) الرسالة القشيرية ط بيروت ص ٣٩٧.
(٢) المصدر السابق ص ٣٩٧ ـ ٣٩٨.
(٣) الرسالة القشيرية : فهرب.
(٤) زيادة عن الرسالة القشيرية.
(٥) المصدر السابق ص ٣٩٧.
(٦) في الرسالة القشيرية : زهده.