محمّد بن أحمد بن محمّد (١) بن عبد الله البغدادي ـ سنة ثمان وخمسين ـ وحدّثني عنه أولا عثمان بن محمّد العثماني ـ سنة أربع وخمسين ـ ثنا عباس بن أحمد الشاشي (٢) ، ثنا أبو عقيل الرصافي ، ثنا أحمد بن عبد الله الزاهد ، قال : قال علي بن محمّد بن شقيق : كان لجدّي ثلاثمائة قرية يوم قتل بواشكرد (٣) ، ولم يكن له كفن يكفن فيه ، قدّمه كله بين يديه ، وثيابه وسيفه إلى السّاعة معلّق يتبرّكون به ، قال : وقد كان خرج إلى بلاد الترك لتجارة وهو حدث إلى قوم يقال لهم : الخلوجية (٤) وهم يعبدون الأصنام ، فدخل إلى بيت أصنامهم وعالمهم (٥) قد حلق رأسه ولحيته ولبس ثيابا حمراء أرجوانية فقال له شقيق : إن هذا الذي أنت فيه باطل ولهؤلاء ولك ، ولهذا الخلق خالق وصانع ليس كمثله شيء ، له الدنيا والآخرة ، قادر على كل شيء ، رازق كل شيء ، فقال له الخادم : ليس يوافق قولك فعلك ، فقال له شقيق : كيف ذاك؟ قال : زعمت أن لك خالقا قادرا على كل شيء وقد تعنيت (٦) إلى هاهنا لطلب الرزق ، ولو كان كما تقول فإن الذي يرزقك هاهنا يرزقك ثم فتربح العناء.
قال شقيق : فكان سبب زهدي كلام التركي ، فرجع فتصدّق بجميع ما ملك فطلب العلم.
قال (٧) : وثنا مخلد بن جعفر بن محمّد ، ثنا جعفر الفريابي ، نا المثنّى بن جامع ، قال : قال أبو عبد الله : سمعت شقيق بن إبراهيم يقول : كنت رجلا شاعرا فرزقني الله التوبة ، وإني خرجت بثلاثمائة ألف درهم ، وكنت مرائيا ولبست الصّوف عشرين سنة ، وأنا لا أعلم حتى لقيت عبد العزيز بن أبي رواد فقال : يا شقيق ليس الشأن (٨) في أكل الشعير الشأن في المعرفة ، أن يعرف الله عزوجل يعبده ولا يشرك به شيئا ، والثانية الرضا عن الله ، والثالثة تكون بما في يد الله أوثق منك بما في أيدي المخلوقين ، قال
__________________
(١) سقطت اللفظة من الحلية.
(٢) الحلية : الشامي.
(٣) مهملة بالأصل بدون نقط ، والمثبت عن الحلية.
(٤) الحلية : الخصوصية.
(٥) عن الحلية وبالأصل : وعاملهم.
(٦) الحلية : تغيبت.
(٧) القائل هو أبو نعيم أحمد بن عبد الله ، والخبر في الحلية ٨ / ٥٩.
(٨) في الحلية : البيان.