يمينه ولا من عن شماله من تفكّر الآخرة ، فعلمت أنه رجل صالح ليس بينه وبين الدنيا عمل.
قال : وأخذت قصد المعيشة من ورقاء بن عمر (١) طلبنا منه تفسير القرآن فقال : بالشرط أن تتغدى وتتعشى عنده ، فأجبناه إلى ذلك ، وكانت تقدم إلينا خبز الشعير وإدام الخل والزيت ، فقال : هذا لمن يطلب الفردوس ، ويهرب من زفير جهنم كثير.
قال : وأخذت من الزهد من عبّاد [بن] كثير طلبت منه كتاب الزهد فقال : من أين أنت؟ فقلت : من خراسان ، قال : اللهمّ اجعله من الزاهدين في الدنيا ، قال شقيق : فرجوت بركة دعائه لي ، قال : فدخلت منزله فإذا قدور تغلي بين حامض وحلو ، قال شقيق : فأنكرت ما رأيت قال : فقال لي خادمه : (٢) يا خراساني إنه لم يأكل منذ سبع سنين لحما ، وإنّه ليتّخذ كلّ يوم سبع قدور بين حامض وحلو يطعم المساكين والمرضى ومن لا حيلة لهم.
قال : وأخذت التعاون والتوكّل من إبراهيم بن أدهم ، كنا جلوسا عنده ، وذلك في شهر رمضان ، فأهدي إليه سلة تين ، فتصدّق بها على المساكين والجيران.
قال شقيق بن إبراهيم : فقلنا له يا أبا إسحاق لو تدع لنا شيئا ، فقال : ألستم صوّام (٣)؟ قلنا : بلى ، قال : ليس لكم حياء ليس لكم رعة ـ يعني الخوف ـ أما تخافون الله بالعقوبة؟ يطول أملكم إلى العشاء وسوء ظنكم بالله ، وذلك عند غيبوبة الشمس ، ثم قال : ثقوا بالله وأحسنوا الظن بالله ، ما وعد الله لعباده ، قال : (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ)(٤).
قال : وأخذت ترك الحلال وترك الشبهة من وهيب المكي ، رأيته عند الصفّار وهو ينازع رجلا ومع الرجل سلة من فواكه قال : فقال له وهيب : من أين اشتريت هذا؟ قال : فقال له الرجل : ليس لنا أن نسأل ، وكان الرجل يتفقه ، فقال له وهيب : أنظر هل في
__________________
(١) بياض بالأصل مقدار كلمة.
(٢) بياض بالأصل مقدار كلمتين.
(٣) كذا.
(٤) سورة النحل ، الآية : ٩٦ وبالأصل : ينفذ.