عاصم بن بهدلة ، عن أبي وائل قال :
بعث إليّ الحجّاج فأتيته ، فقال : ما اسمك؟ فقلت : ما بعث إليّ الأمير إلّا وقد عرف اسمي ، فقال : متى نزلت هذا البلد؟ قلت : ليالي نزله أهلي ، قال : إني مستعملك ، قلت : على ما ذا ـ أصلح الله الأمير ـ قال : على السّلسلة ، قلت : إن السلسلة لا تصلح إلّا برجال يعملون عليها وأنا فرجل شيخ ضعيف أخرق ، أخاف بطانة السوء ، فإن يعفني الأمير فهو أحب إليّ ، وإن يقحمني أقتحم ، والله إني لأتعارّ (١) من الليل فأذكر الأمير فلا يأتيني النوم حتى أصبح ، ولست للأمير على عمل ، فكيف إذا كنت له على عمل ، والله ما رأيت الناس هابوا أميرا قط هيبتهم لك أيها الأمير ، فأطرق ساعة ثم قال : أما قولك : ما رأيت الناس هابوا أميرا قط فإني والله ما أعلم على وجه الأرض رجلا أجرأ على دم منّي ، وأما قولك : إن يعفني الأمير فهو أحبّ إليّ إن تقحمني أقتحم ، فإنّا إن وجدنا غيرك أعفيناك ، وإن لم نجد غيرك أقحمناك ، ثم قال : انصرف ، قال : فمضيت فعقلت عن الباب يمنة ، فقال سددوا الشيخ.
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم بن سعدوية ، أنبأ عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن ، أنبأ جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، ثنا محمّد بن هارون الروياني ، ثنا خالد بن يوسف بن خالد السّمتي ، نا أبو عوانة ، ثنا عاصم بن بهدلة ، عن أبي وائل قال :
أرسل إليّ الحجّاج فقال : ما اسمك؟ قال : قلت : ما أرسل إليّ الأمير إلّا وقد عرف اسمي ، قال : متى هبطت هذا البلد؟ قال : قلت : ليالي هبطه أهله ، قال : كم تقرأ من القرآن؟ قال : قلت : أقرأ منه ما أن تبعته كفاني ، قال : إنا نريد أن نستعين بك على بعض أعمالنا ، قال : قلت : على أيّ عمل الأمير؟ قال : على السّلسلة ، قال : قلت : إن السّلسلة لا يصلحها إلّا رجال يعملون ويقومون عليها ، وأن تستعين بي تستعين بكبير أخرق ضعيف ، يخاف أعوان السوء ، وإن يعفي (٢) الأمير فهو أحبّ إليّ ، وإن تقحمني أقتحم ، وأيم الله إني لأتعارّ من الليل وأذكر الأمير فما يأتيني النوم حتى أصبح ، ولست للأمير على عمل ، فكيف إذا كنت للأمير على عمل ، وأيم الله ما أعلم الناس هابوا أميرا قط هيبتهم إيّاك أيها الأمير ، قال : فأعجبه ما قلت له ، فقال : إيه أعد علي ، قال : فأعدت
__________________
(١) التعارّ : السهر والتقلب على الفراش ليلا مع كلام (القاموس : عر).
(٢) كذا ، ولعله : «يعفني».