طاعتي ، فقال آدم : أي رب وكيف لي بذلك؟ لست أقوى عليه ولا أهتدي له ، فقيّض الله له ملكا فانطلق به نحو مكّة ، فكان آدم إذا مرّ بروضة ومكان يعجبه قال للملك : انزل بنا هاهنا فيقول الملك : مكانك حتى قدم مكّة ، فكان كل مكان نزل به عمرانا ، وكل مكان تعدّاه مفاوز وقفارا ، فبنى البيت من خمسة أجبل : من طور سيناء ، وطور زيتون ، ولبنان ، وجبل الجودي ، وبنى قواعده من حراء ، فلما فرغ من بنائه خرج به الملك إلى عرفات فأراه المناسك كلها التي يفعلها الناس اليوم ، ثم قدم به مكة ، فطاف بالبيت أسبوعا ، ثم رجع إلى أرض الهند ، فمات على نود ، فقال شيث لجبريل : [صلّ](١) على آدم ، فقال : تقدّم أنت فصلّ (٢) على أبيك ، وكبّر عليه ثلاثين تكبيرة ، فأمّا خمس فهي الصلاة : وأما خمس وعشرون تفضيلا لآدم ، لم يمت آدم حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا بنود ، ورأى آدم فيهم الزنا وشرب الخمر والفساد ، فأوصى أن لا يناكح بنو شيث بني قابيل ، فجعل بنو شيث آدم في مغارة ، وجعلوا عليه حافظا لا يقربه أحد من بني قابيل ، وكان الذين يأتونه ويستغفرون له بنو شيث ، وكان عمر آدم سبعمائة (٣) سنة وستا وثلاثين سنة ، فقال مائة من بني شيث صباح : لو نظرنا ما فعل بنو عمنا ـ يعنون بني قابيل ـ فهبطت المائة إلى نساء قباح من بني قابيل فاحتبس النساء الرجال ، ثم مكثوا ما شاء الله ، ثم قال مائة آخرون : لو نظرنا ما فعل إخوتنا ، فهبطوا من الجبل إليهم ، فاحتبسهم النساء ، ثم هبطت بنو شيث كلهم فجاءت المعصية ، وتناكحوا واختلطوا ، وكثر بنو قابيل حتى ملئوا الأرض ، وهم الذين غرقوا أيام نوح.
قال أبو عبد الله الصّوري : نود اسم الجبل ، وكذا قال نود ، وفي النسخ : نوذ بالذال معجمة.
قرأت على أبي غالب أحمد بن الحسن عن (٤) أبي الفتح بن المحاملي ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، قال : أما شيث فهو شيث بن آدم أبي البشر ـ عليهالسلام ـ.
قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي نصر علي بن (٥) هبة الله ، قال : أما شيث
__________________
(١) زيادة عن ابن سعد.
(٢) بالأصل : فصلي.
(٣) ابن سعد : تسعمائة.
(٤) بالأصل : «بن» خطأ.
(٥) الاكمال لابن ماكولا ٥ / ٩١.