هذا أبوك قابيل ، قال : فرمى الأعمى أباه قابيل فقتله ، فقال ابن الأعمى : يا أبتاه قتلت أباك؟ فرفع يده فلطم ابنه ، فمات ابنه ، فقال الأعمى : ويل لي قتلت أبي برميتي ، وقتلت ابني بلطمتي ، ثم حملت حواء فولدت شيث (١) وأخته عزورا (٢) ، فسمي هبة الله ، اشتق له من اسم هابيل ، فقال لها جبريل حين ولدته : هذا هبة الله لك بدل هابيل ، وهو بالعربية شثّ ، وبالسريانية شيث ، وإليه أوصى آدم ، وكان آدم يوم (٣) ولد شيث ابن ثلاثين ومائة ، ثم تغشّاها آدم فحملت حملا خفيفا ، فمرت به يقول : قامت وقعدت ، ثم أتاها الشيطان في غير صورته فقال : يا حواء ما هذا في بطنك؟ قالت : لا أدري ، قال : لعله بهيمة من هذه البهائم ، قالت : ما أدري ، ثم أعرض عنها حتى إذا هي أثقلت أتاها ، فقال : كيف بحديثك (٤) يا حواء ، قالت : إني لأخاف أن يكون كالذي خوّفتني ، ما أستطيع القيام إذا قمت ، قال : أفرأيت إن دعوت الله فجعله إنسانا مثلك ومثل آدم تسمّيه بي (٥) ، قالت : نعم ، فانصرف عنها ، وقالت لآدم : لقد أتاني آت فأخبرني أن الذي في بطني بهيمة من هذه البهائم ، وإني لأجد له ثقلا وأخشى أن يكون كما قال ، فلم يكن لآدم ولا لحواء همّ غيره ، حتى وضعته فذلك قول الله عزوجل : (دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)(٦) ، فكان هذا دعاء هما قبل أن تلد ، فلما ولدت غلاما سويا أتاها فقال لها : ألا سمّيته كما وعدتني ، قالت : وما اسمك؟ وكان اسمه عزازيل ولو تسمّى لها لعرفته ، فقال : اسمي الحارث ، فسمته عبد الحارث ، فمات.
يقول الله : (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)(٧) ، وأوحى الله إلى آدم إنّ لي حرما بحيال عرشي فانطلق فابن لي بيتا (٨) فيه ، ثم حفّ به كما رأيت ملائكتي يحفّون بعرشي ، استجب لك ولولدك من كان منهم في
__________________
(١) كذا : شيث.
(٢) عن ابن سعد ، وبالأصل : عرورا.
(٣) عن ابن سعد ، وبالأصل : يولد.
(٤) في ابن سعد : تجدينك ، وهي أصوب.
(٥) عن ابن سعد وبالأصل : تسميتي.
(٦) سورة الأعراف ، الآية : ١٨٩ وفي التنزيل العزيز : «آتيتنا» وقد كانت صحيحة بالأصل ثم شطبت ، وكتبت أتانا على الهامش. وهو خطأ.
(٧) سورة الأعراف ، الآية : ١٩٠.
(٨) تقرأ بالأصل : شيئا ، والمثبت عن ابن سعد.