إسرائيل موسى وآخرهم](١) عيسى وبينهما ألف نبي» ، قلت : يا رسول الله كم أنزل الله تعالى من كتاب؟ قال : «مائة كتاب وأربعة كتب ، على شيث خمسين صحيفة ، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة ، وعلى إبراهيم عشرين صحيفة ، وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان» قلت : يا رسول الله فما كان صحف إبراهيم؟ قال : «أمثال كلّها ، أيها الملك المبتلى المغرور ، لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض ، ولكن بعثتك لتردّ عني دعوة المظلوم ، فإني لا أردّها ولو كانت من كافر ، وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا أن يكون له ثلاث ساعات ، ساعة يناجي ربّه ويحاسب فيها نفسه ويتفكّر فيما صنع ، وساعة يخلو فيها لحاجته من الحلال ، قال في هذه الساعة عونا لتلك الساعات واستجماما للقلوب وتفريغا لها ، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه ، فإن من حسب كلامه من عمله أقلّ الكلام إلّا فيما يعنيه ، وعلى العاقل أن يكون طالبا لثلاث : مرمّة لمعاش ، أو تزوّد لمعاد ، أو تلذذ في غير محرم» ، قلت : يا رسول الله فما كانت صحف موسى؟ قال : «كانت عبرا كلها ، عجبت لمن أيقن بالموت ثم يفرح ، ولم أيقن بالنار ثم يضحك ، ولمن يرى الدنيا وتقلّبها بأهلها ثم يطمئن إليها ، ولمن أيقن بالقدر ثم ينصت (٢) ، ولمن أيقن بالحساب ثم لا يعمل» ، قلت : يا رسول الله هل في الدنيا مما أنزل الله عليك شيء مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟ قال : «يا أبا ذر تقرأ (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى ، إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى)(٣)» ، قلت : يا رسول الله أوصني ، قال : «أوصيك بتقوى الله ، فإنه زين لأمرك كله» ، قلت : يا رسول الله زدني ، قال : «عليك بتلاوة القرآن وذكر الله تعالى ، فإنه ذكر لك في السماء ، ونور لك في الأرض» ، قلت : زدني ، قال : «عليك بطول الصمت ، فإنه مطردة للشيطان ، وعون لك على أمر دينك» ، قلت : زدني ، قال : «إيّاك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه» ، قلت : زدني ، قال : «حبّ المساكين ومجالستهم» ، قلت : زدني ، قال : «قل الحق وإن كان مرّا» ، قلت : زدني ، قال : «لا تخف في الله لومة لائم» ، قلت : زدني ، قال : «ليحجزك (٤)
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل فاختل المعنى ، واستدركت العبارة عن الجليس الصالح الكافي.
(٢) كذا ، وفي الجليس الصالح : ينصب.
(٣) سورة الأعلى ، الآيات : ١٤ ـ ١٩.
(٤) عن الجليس الصالح ، وبالأصل : ليحجرك ، بالراء.