الأنصار (١) ـ قال : أقبل غيلان وهو مولى لآل عثمان بن عفّان وصالح بن سويد إلى عمر بن عبد العزيز ، فلقيا (٢) مزاحم (٣) مولى عمر ، فسألاه أن يجعلهما في حرس عمرو ، فذكرهما لعمر فأدخلهما عليه ، فكلماه فسرّه رغبتهما في ذلك ، فقال : أجلسهما يا عمرو ، وامنعهما من حمل السّيف ، قال عمرو : ففعلت ، فبلغه أنهما ينطقان في القدر ، فدعاهما ، فقال : أعلم الله نافذ في عباده أو منتقض؟ قالا : بل نافذ يا أمير المؤمنين ، قال : ففيم الكلام؟ فخرجا (٤) ثم بلغه أنهما قد أسرفا فقال : ما هذا الأمر الذي تنقطان فيه؟ قالا : نقول ما قال الله في كتابه (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) إلى (وَإِمَّا كَفُوراً)(٥) ثم مكثا (٦) ، فقال عمر : اقرأ ، وقال ابن خريم : فقرأ حتى بلغ (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ)(٧) ، قال : ـ وقال ابن خريم : فقال : ـ كيف ترى يا ابن الاتانة؟ تأخذ الفروع وتدع الأصول ، ثم أخرجهما ، فلما كان عند مرضه ـ وقال ابن خريم (٨) : عند موته ـ بلغه أنهما قد أسرفا ، فأرسل إليهما وهو مغضب ، فقال : ألم يكن ـ وقال ابن خريم : ألم ـ في سابق علم الله ـ ، وقال ابن خريم سابق علمه ـ حين أمر إبليس بالسجود أنه لا يسجد ، قال عمرو : فأومأت إليهما برأسي : قولا : نعم ، فقالا : نعم ، فأمر بإخراجهما ، والكتاب إلى الأجناد بخلاف ما قالا ، فمات عمر قبل أن تنفذ تلك الكتب.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين (٩) بن المزرفي (١٠) ، نا أبو الحسين محمّد بن علي بن محمّد بن المهتدي ، نا علي ، أبو الحسن بن عمر الحربي (١١) ، نا أحمد بن
__________________
(١) الخبر في تاريخ أبي زرعة الدمشقي ١ / ٣٧١ ـ ٣٧٢.
(٢) بالأصل : فلقينا ، والمثبت عن أبي زرعة.
(٣) كذا ، وفي أبي زرعة : مزاحما.
(٤) عن أبي زرعة وبالأصل : فخرجهما.
(٥) سورة الدهر ، الآيات : ١ ـ ٣.
(٦) في أبي زرعة : ثم سكت.
(٧) سورة الدهر ، الآية : ٣٠.
(٨) بالأصل : ابن خزيم خطأ.
(٩) بالأصل : الحسن ، خطأ ، والصواب ما أثبت ، انظر ما يلي.
(١٠) بالأصل : المرزقي ، خطأ والصواب : المزرفي ، وقد مرّ كثيرا ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ٦٣١.
(١١) الحربي نسبة إلى الحربية إحدى محالّ بغداد.
وبالأصل : أبو الحسين ، خطأ والصواب ما أثبت : أبو الحسن ، ترجمته في تاريخ بغداد ١٢ / ٤٣.