عنه ، فقلت لهم : دعوا لي هذه الدّراهم فإني معيل ، قال : فكلمهم شريح وقال لهم : لا عليكم أن تدعوا له هذه الدراهم وسائر ميراث أخيه لكم ، فقد ذكر عيلة فأبوا وقالوا : خذ لنا بحقنا ، فقال لهم شريح : اتقوا الله وافعلوا فأبوا وقالوا : خذ لنا بحقنا ، فقال له شريح : ادفعها إليهم فإنك عبد لا ميراث لك ، فأقيموا من بين يديه على ذلك.
قال أبو عمرو الشيباني : فلما رأيت جزعه وشدة همه فقلت له : ويحك ذكرت أنك معيل ، فما عيالك؟ قال : زوجة وأولاد ذكور وإناث ، فقلت : فما زوجتك حرة أو أمة ، فقال : حرة ، فرجعت إلى شريح ، فقلت : يا أبا أمية ألا ترى ما يقول هذا الرجل؟ قال : وما يقول؟ ، قلت : يقول : لي أولاد أحرار من امرأة حرة ، قال : ردهم عليّ ، فرددتهم فأعاد الكلام فاعترفوا به ، وقالوا : نعم له أولاد أحرار ، فقال : ولد حر من امرأة حرة ، فقال شريح : فابن الأخ الحرّ أولى بالميراث منكم ، والله لا تبرحوا حتى تعطوه ما في أيديكم من ميراث أخيه ، قال : فانتزع ذلك منهم فدفعه إليه (١).
قال : ونا أبي ، ثنا سعد بن محمّد بن عبد الله القاضي ، ثنا سليم بن عبد الرّحمن ، ثنا الوليد بن مسلم ، حدّثني سالم البصري قال : سمعت محمّد بن سيرين يقول : جاء رجل إلى شريح ، فقال : إن امرأتي توفيت ولم تترك ولدا فما لي من ميراثها؟ قال : النصف ، قال : فمضى ثم عاد ومعه خصوم له في هذه المسألة فإذا هي من عشرة أسهم يجب له منها ثلاثة أسهم.
قال الوليد : تفسير ذلك أنها تركت زوجها وأمها وأختيها لأمها وأبيها ، وأختيها لأمها ، فأعطاه ثلاثة أسهم من عشرة فكان الرجل بعد ذلك يقول : انظروا إلى قاضيكم هذا أتيته فقلت : إن امرأتي توفيت ، ولم تترك ولدا فما لي من ميراثها فقال : النصف ، فلما تحاكمنا إليه ما أعطاني النصف ولا الثلث ، فكان شريح يقول : يا عدو نفسه إذا رأيتني ذكرت حكما جائزا ، وإذا رأيتك ذكرت رجلا (٢) فاجرا يظهر الشكوى ويكتم حقيقة القضاء (٣).
__________________
(١) الخبر ورد مختصرا في أخبار القضاة ٢ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧.
(٢) في أخبار القضاة : خصما فاجرا.
(٣) الخبر ورد مختصرا في أخبار القضاة ٢ / ٣٦٤.