المرزباني (١) ، قال : صالح بن عبد القدّوس الأزدي مولى لهم يكنى أبا الفضل ، وكان حكيم الشعر ، زنديقا متكلما يقدمه أصحابه في الجدال عن مذهبهم ، فقتله المهدي على الزندقة شيخا كبيرا ، وهو القائل :
ما يبلغ الأعداء من جاهل |
|
ما يبلغ الجاهل من نفسه (٢) |
والشيخ لا يترك أخلاقه |
|
حتى يوارى في ثرى رمسه (٣) |
وله أيضا :
ما بين ما يحمد فيه وما |
|
يدعوا إليك الذم إلّا القليل |
وله أيضا :
كل آت لا شكّ آت وذو الجهل |
|
معنى والهمّ والحزن فضل |
وله أيضا :
أيها اللائمي على نكد الدهر |
|
لكلّ من البلاء يصيب |
قد يلام السري في غير ذنب |
|
وتغطّى من المسيء الذنوب |
وتحول الأحوال بالمرء ، والدهر |
|
له في صروفه تقليب |
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد ، وأبو النجم بن بدر بن عبد الله ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٤) : صالح بن عبد القدّوس ، أبو الفضل البصري مولى الأزد (٥) أحد الشعراء ، اتهمه المهدي أمير المؤمنين بالزندقة ، فأمر بحمله إليه وأحضره بين يديه ، فلما خاطبه أعجب بغزارة أدبه ، وعلمه وبراعته ، وحسن بيانه (٦) وكثرة حكمته ، فأمر بتخلية سبيلة فلما ولي ردّه وقال : ألست القائل :
والشيخ لا يترك أخلاقه |
|
حتى يوارى في رمسه |
__________________
(١) لا يوجد لصالح بن عبد القدوس ترجمة في معجم الشعراء المطبوع للمرزباني.
والخبر نقله الصفدي في الوفيات ١٦ / ٢٦٠ والكتبي في الفوات ٢ / ١١٦.
(٢) البيت في المصدرين السابقين.
(٣) البيت في وفيات الأعيان ٢ / ٤٩٢ وتاريخ بغداد ٩ / ٣٠٣.
(٤) تاريخ بغداد ٩ / ٣٠٣ ووفيات الأعيان ٢ / ٤٩٢.
(٥) في تاريخ بغداد : مولى لأسد.
(٦) عن تاريخ بغداد وتقرأ بالأصل : ثباته.