إذا ارعوى عاد إلى جهله |
|
كذي الضنى (١) عاد إلى نكسه |
قال : بلى يا أمير المؤمنين ، قال : فأنت لا تترك أخلاقك ، ونحن نحكم فيك بحكمك في نفسك ، ثم أمر به فقتل وصلب على الجسر.
ويقال : إن المهدي أبلغ عنه أبيات يعرّض فيها بالنبي صلىاللهعليهوسلم ، فأحضره المهدي وقال : أنت القائل هذه الأبيات؟ قال : لا والله يا أمير المؤمنين ، والله ما أشركت بالله طرفة عين ، فاتق الله تعالى ولا تسفك دمي على الشبهة ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ادرءوا الحدود بالشبهات» وجعل يتلو عليه القرآن حتى رقّ له وأمر بتخليته ، فلما ولي قال : أنشدني قصيدتك السينية ، فأنشده حتى بلغ البيت الذي أوّله :
«والشيخ لا يترك أخلاقه»
فأمر به حينئذ فقتل ، ويقال : أنه كان مشهورا بالزندقة ، وله مع أبي الهذيل العلّاف مناظرات ، وشعره [كله](٢) أمثال وحكم وآداب [٥٠٨٩].
قرأت بخط أبي الحسين الرازي قال : وقال أبو الفضل أحمد بن طاهر البغدادي ، حدّثني قريش الختّلي أن المهدي أمير المؤمنين دعاه يوما فأمره بالمسير على البريد إلى دمشق ، وكتب لي عهدا أنه أمير كل بلد يدخل حتى يخرج منه ، وأمره إذا دخل دمشق يأتي حانوتا من الحوانيت إمّا عطارا وإمّا قطانا وأنه يلقى في ذلك الحانوت رجلا كثير الجلوس فيه أشيب بأصل الخطاب يقال : صالح بن عبد القدّوس وأنه مضى على مركبه من البريد حتى دخل دمشق ، ثم ورد على باب الحانوت ، فإذا الرجل فيه وكان أعدّ له أقيادا فنزل إليه فأخذ بثلاثته ، وأخرج عهده فقرأه على الناس فخلّوا بينه وبينه ، وسمّر الحديد في رجليه ثم حمله معه على البريد من ساعته حتى قدم به مدينة السلام ، وكان المهدي بعيساباذ (٣) فمضى إليها وأرسل إلى المهدي يخبره وقدومه بالرجل ، فأمر فأدخله عليه قال له : أنت صالح بن عبد القدّوس؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين أنا صالح ، قال : فزنديق؟ قال : لا ، ولكني رجل شاعر أفسق في شعري ، فقال اله (٤) أمره فالتوى
__________________
(١) في الأصل : «الظبا» والمثبت عن تاريخ بغداد ووفيات الأعيان.
(٢) زيادة عن تاريخ بغداد.
(٣) بالأصل بالدال المهملة ، والمثبت عن معجم البلدان ، وهي محلة كانت بشرقي بغداد منسوبة إلى عيسى بن المهدي ، وبها بنى المهدي قصره (معجم البلدان).
(٤) كذا رسمها بالأصل.