عنه نفسه أن قال : كذبت والله ، يا عدو الله ، إنّ الذين عددت لأحباء كلهم ، وقد بقي لك ما يسوؤك فقال يوم بيوم بدر ، والحرب سجال ، إنكم ستجدون في القوم مثلة لم أمر بها ولم يسوؤني ثم أخذ يرتجز :
أعل هبل ، أعل هبل
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألا تجيبونه» ، فقالوا : يا رسول الله ما نقول؟ قال : «الله أعلى وأجل» ، قال : إن لنا العزّى ولا عزّى لكم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألا تجيبوه» ، قالوا : يا رسول الله وما نقول؟ قال : «قولوا الله مولانا ولا مولى لكم» [٥١١٠].
أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (١) ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، نا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب :
أن رجلا قال لحذيفة : نشكو إلى الله صحبتكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإنكم أدركتموه ولم ندركه ، ورأيتموه ولم نره ، فقال حذيفة : ونحن نشكو إلى الله عزوجل إيمانكم به ولم تروه ، والله لو تدري يا ابن أخي لو أدركته كيف يكون (٢) ، لقد رأيتنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة الخندق في ليلة باردة مطيرة ، وقد نزل أبو سفيان وأصحابه بالعرضة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم أدخله الله الجنة؟» ثم قال : «من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم جعله الله رفيق إبراهيم في الجنة يوم القيامة» ، فو الله ما قام منّا أحد ، فقال : «من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم جعله الله رفيقي يوم القيامة» ، فو الله ما قام منّا أحد ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ابعث حذيفة ، فقلت : دونك والله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا حذيفة» ، فقلت : لبّيك بأبي أنت وأمي ، فقال : «هل أنت ذاهب؟» فقلت : والله ما لي أن أقتل ولكن أخشى أن أؤسر ، فقال : «إنك لن تؤسر» فقلت : مرني يا رسول الله ما شئت ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «اذهب حتى تدخل بين ظهري القوم فائت قريش (٣) فقل : يا معشر قريش ، إنما تريد الناس إذا كان غدا أن يقولوا : أين قريش؟ أين قادة الناس؟ أين رءوس الناس؟ فيقدمونكم فتصلوا القتال فيكون القتل فيكم ، ثم ائت بني
__________________
(١) الخبر في دلائل النبوة للبيهقي ٣ / ٤٥٤ ودلائل النبوة لأبي نعيم (٤٣٣) وسيرة ابن هشام ٣ / ١٨٦.
(٢) في الدلائل : كيف كنت تكون.
(٣) كذا والأشبه : قريشا.