سفيان رجل يحب الفخر ، فاجعل له شيئا يكون في قومه (١) ، فقال : «نعم ، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن أغلق عليه داره فهو آمن» ، فخرجت حتى حبسته عند حطم الجبل بمضيق الواقدي ، فمرت عليه القبائل فيقول : من هؤلاء؟ يا عباس؟ فأقول : سليم ، فيقول : ما لي ولسليم ، وتمرّ به القبيلة فيقول : من هؤلاء؟ فأقول : أسلم ، فيقول : ما لي ولأسلم ، وتمرّ جهينة ، فيقول : ما لي ولجهينة ، حتى مرّ به رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الخضراء كتيبة رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المهاجرين والأنصار في الحديد لا ترى منهم إلّا الحدق فقال : يا أبا الفضل من هؤلاء؟ فقال : هذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المهاجرين والأنصار ، فقال : يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما ، فقلت : ويحك إنّها النبوة ، قال : فنعم ، إذا [٥١١٦].
قلت : هذا محمّد قد جاءكم بما لا قبل لكم به ، قالوا : فمه؟ فقال : من دخل داري فهو آمن ، فقالوا : ويحك ، وما دارك وما يغني عنّا ، قال : ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن أغلق عليه داره فهو آمن.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا عبد الوهّاب بن أبي حية ، أنا محمّد بن شجاع البلخي ، أنا محمّد بن عمر الواقدي (٢) ، قال : وحدّثني عبد الله بن جعفر ، قال : سمعت يعقوب بن عتبة يخبر عن عكرمة ، عن ابن عباس قال :
لما نزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمرّ الظهران قال العباس بن عبد المطلب : واصباح قريش ، والله لئن دخلها رسول الله صلىاللهعليهوسلم عنوة إنه لهلاك قريش آخر الدهر ، قال : فأخذت بغلة رسول الله صلىاللهعليهوسلم الشهباء ، فركبتها ، وقال : التمس خطابا أو إنسانا أبعثه إلى قريش ، فيلقون (٣) رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل أن يدخلها عليهم عنوة ، قال : فو الله إنّي لفي الأراك أبتغي إنسانا ، أإذ سمعت كلاما يقول : والله إن رأيت كالليلة (٤) في النيران ، قال : يقول بديل بن ورقاء : هذه والله خزاعة جاستها (٥) الحرب ، قال أبو سفيان : خزاعة أقلّ وأذلّ
__________________
(١) عن البيهقي ، وبالأصل : «ذمة».
(٢) الخبر في مغازي الواقدي ٢ / ٨١٦ وما بعدها.
(٣) الأصل : «فتلقوا» والمثبت عن الواقدي.
(٤) كذا ، والأشبه : من.
(٥) كذا ، وفي الواقدي : حاشتها.