والألوية ، مع كل بطن من الأنصار راية ولواء في الحديد ، لا يرى منهم إلّا الحدق ، ولعمر بن الخطاب فيها زجل ، وعليه الحديد بصوت عال وهو ينزعها فقال أبو سفيان : يا أبا الفضل من هذا المتكلم؟ قال : عمر بن الخطاب ، قال : لقد أمر أمر بني عدي بعد والله قلّة وذلّة ، فقال العباس : يا أبا سفيان إن الله يرفع من (١) يشاء بما يشاء ، وإنّ عمر ممن رفعه الإسلام ، ويقال في الكتيبة ألفا دراع (٢) ، وأعطى رسول الله صلىاللهعليهوسلم رايته سعد بن عبادة ، فهو أمام الكتيبة ، فلما مرّ سعد براية النبي صلىاللهعليهوسلم نادى : يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة ، اليوم أذل الله قريشا ، فأقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى إذا حاذى بأبي سفيان ناداه : يا رسول الله ، أمرت بقتل قومك؟ زعم سعد ومن معه حتى مرّ بنا قال : يا أبا سفيان : اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة ، اليوم أذل الله فيه قريشا ، وإني أنشدك الله في قومك ، فأنت أبرّ الناس ، وأوصل الناس ، قال عبد الرّحمن بن عوف : وعثمان بن عفان يا رسول الله ما نأمن سعدا أن يكون منه في قريش صولة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا أبا سفيان ، اليوم يوم المرحمة ، اليوم أعز الله فيه قريشا» ، قال : وأرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى سعد ، فعزله ، وجعل اللواء إلى قيس بن سعد ، ورأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن اللواء لم يخرج من سعد حتى صار لابنه ، فأبى سعد أن يسلّم اللواء إلّا بالإمارة من النبي صلىاللهعليهوسلم ، فأرسل النبي صلىاللهعليهوسلم إليه بعمامته ، فعرفها سعد ، فدفع اللواء إلى ابنه قيس [٥١١٧].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا رضوان بن أحمد ، نا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس ، عن سفيان بن سس (٣) الحنفي ، عن أبي الوليد سعيد (٤) بن مينا (٥) قال :
لما نزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام الفتح بمرّ [الظهران](٦) قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن أبا سفيان بحضرتكم فانتشروا له ، فخرجوا ، فأصابه عمر بن الخطاب ، فجاء به ملبيا ، فقال
__________________
(١) بالأصل : ما يشاء.
(٢) كذا ، وفي الواقدي : ألف دارع.
(٣) كذا رسمها بالأصل.
(٤) عن تقريب التهذيب ، بالأصل : سعد.
(٥) مينا : بكسر الميم وبعد الياء نون ، يمد ويقصر ، الاكمال لابن ماكولا ٧ / ٣٠٧.
(٦) زيادة لازمة قياسا إلى رواية سابقة.