وقوله : أهديت إلى زوجها ، فيه لغتان : هديت العروس إلى زوجها هداء وأهديتها إهداء ، وصرح الألف أكبر وكأنه من الهداية ، لا من الهدية ، وهو أشبه وأليق بالمعنى ومن الهداء قول زهير :
فإن تكن النساء مخبآت |
|
فحقّ لكلّ محصنة هداء (١) |
وأما قول زينب لشريح : هذه ختنتك فقد تكلم في هذا قوم من الفقهاء واللغويين ، وحاجة الفقهاء إلى معرفة ذلك بيّنة ، إذ قد يوصي المرء لأصهار فلان وأختانه ، وقد يحلف لا يكلم أصهار فلان أو أختانه ، فقال قوم : الأختان من قبل الرجل ، والأصهار من قبل المرأة ، وذهب قوم في هذا إلى التداخل والاشتراك ، وهذا أصحّ المذهبين عندي ، وقد قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه ـ :
محمّد النبي أخي وصهري |
|
أحبّ الناس كلهم إليّا |
والنبي صلىاللهعليهوسلم أبو زوجته ، وبذلك على هذا قولهم : قد أصهر فلان إلى فلان ، وبين القوم مصاهرة ، وصهر ، فجرى يجري (٢) النسب والمصاهرة في إجرائهما على الطرفين والعبارتين بهما على الجهتين ، وقد قال الله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً)(٣) وقد جاء عن أهل التأويل في قول الله عزوجل : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً)(٤) أقوال : قال بعضهم هم الأصهار. وقال بعضهم : هم الأختان ، وظاهر هذا العمل على اختلاف المعنيين بحسب ما ذهب إليه من قدمنا الحكاية عنه ، وجائز أن يكون (٥) عبر باللفظين عن معنى واحد. وقد قال بعضهم : الحفدة : الخدم كما قال الشاعر :
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت |
|
بأكفهن أزمة الأحمال (٦) |
وقال رؤبة يخاطب أباه :
__________________
(١) ديوان زهير ص ٧٤.
(٢) كذا ، وفي الجليس الصالح : فجرى هذا مجرى النسب.
(٣) سورة الفرقان ، الآية : ٥٤.
(٤) سورة النحل ، الآية : ٧٢.
(٥) بالأصل : نكون.
(٦) اللسان (حفد).