قال ابن عباس : فأهلكوا بالصيحة ، فذلك قوله (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا)(١) يعني كأن لم ينعموا فيها.
قال وأنبأ ابن إسحاق ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عبّاس قال حين قالوا لشعيب : ولو لا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز.
(قالَ : يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ؟)(٢) قالوا : بل الله ، قال : فاتخذتم الله (وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا)(٣) ـ يعني تركتم أمره وكذبتم نبيّه ـ غير أنّ علم ربي أحاط بكم ، (إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)(٤) ، فلما ردوا عليه النصيحة وأخذهم الله عزوجل بعذابه فقال : (يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ)(٥).
قال ابن عباس : كان بعد الشرك أعظم ذنوبهم تطفيف المكيال والميزان ، وبخس الناس أشياءهم مع ذنوب كثيرة كانوا يأتونها (٦) شعيب فدعاهم إلى عبادة الله ، وكفّ الظلم ، وترك ما سوى ذلك.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس (٧) ، وأبو سعيد قالا : ثنا وأبو منصور بن زريق (٨) ، قال : أنبأ أبو بكر الخطيب ، ثنا أبو عبد الله أحمد بن أحمد بن محمّد بن علي القصري ، أنبأ علي بن عبد الرّحمن البكّائي ـ بالكوفة ـ ثنا الحسن بن الطيب الشجاعي ، ثنا عبد الملك بن عبد ربه البغدادي ، ثنا موسى بن عمير ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله : (إِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً) قال : مكفوف البصر ، قال : وفي قوله : (إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ)(٩) قال : من المخلوقين.
أخبرنا أبو الحسن علي بن مسلّم ، أنبأ أبو القاسم علي بن محمّد ، أنبأ عبد الرّحمن بن عثمان ، أنبأ خيثمة بن سليمان ، ثنا ابن ملاعب ـ وهو أحمد بن محمّد ـ
__________________
(١) سورة هود ، الآية : ٩٤.
(٢) سورة الأعراف : ٩٢ وسورة هود : ٩٥.
(٣) سورة هود ، الآية : ٩٢.
(٤) سورة الشعراء ، الآية : ١٨٥.
(٥) سورة الأعراف ، الآية : ٩٣.
(٦) كلمة غير واضحة بالأصل وصورتها : «فبد» ولعله «فندب».
(٧) بالأصل : قيس خطأ والصواب ما أثبت ، قياسا إلى سند مماثل.
(٨) بالأصل بتقديم الراء خطأ والصواب ما أثبت بتقديم الزاي ، وقد مرّ كثيرا.
(٩) سورة الشعراء ، الآية : ١٨٥.