أمهات مدنها أتى نابوليون بونابرت مصر (١٢١٣) وفتحها ولما شعر باجتماع الجيوش لمحاربته وأنه إن لم يفاجىء الدولة العلية في الشام قبل أن تتم استعداداتها الحربية تكون عواقب الأمور وخيمة عليه وأن من يحتل مصر لا يكون آمنا عليها إلا إذا احتل القطر الشامي فلهذه الدواعي قام من مصر ومعه ثلاثة عشر ألف مقاتل قاصدا الشام من طريق العريش.
ولما بلغ أحمد باشا الجزار قدوم الجيش الفرنسي من مصر إلى عكا أسرع ـ على رواية نقولا الترك ـ بتدبير ما يحتاج إليه في الحصار ، وأرسل إلى يافا العسكر وحصنها بالمدافع والقنابر ، وامتد إلى مدينة غزة بعساكره وعشائره ووصلت جيوشه إلى قلعة العريش. وأقاموا فيها وتنبهت الغز للجهاد. وفي شهر شعبان سنة ١٢١٣ خرجت العساكر الفرنسية إلى مدينة بلبيس والصالحية وكتب إلى الجنرال كليبر أن يتوجه من دمياط في البر على طريق قطية. ولما سيّر بونابرت العساكر أحضر علماء الدين وقال لهم : إن الغز المماليك الهاربين مني قد التجأوا إلى أحمد باشا الجزار فجمع لهم العساكر وحضر إلى العريش وعزموا على الحضور إلى الديار المصرية فلذلك أخذتني الغيرة وعزمت أن أسير اليهم بالعساكر وأن أخرجهم من قلعة العريش ، ثم جاء الفرنسيون إلى هذه القلعة وكان فيها ألف وخمسمائة مقاتل فحاصرها ثمانية أيام ، ولما فرغت مؤونتهم وبارودهم أرسلوا يطلبون الأمان ، وأن يخرجوا من القلعة بغير سلاح ، وبعد ذلك حضر قاسم بك المسكوبي في عسكر ومهمات فبلغ بونابرت وصوله وربطوا عليه الطريق وكبسوه ليلا وذبحوا عساكره ولم يسلم منهم إلا القليل. وعندئذ أمر الجنرال دوكوا قائد مصر ووكيل بونابرت التجار أن تسير بالقوافل إلى الشام لينتفع بالمكاسب أصحاب التجارة وينتفع سكان الشام ببضائع مصر حسب العادة السابقة.
وسار أمير الجيوش بالعساكر من قلعة العريش إلى خان يونس واستخلص غزة من الغز عساكر الجزار فوجد في غزة حواصل ذخيرة من بقسماط وشعير وأربعمائة قنطار بارود واثني عشر مدفعا ومستودعا كبيرا من الخيام والقنابر. ولما بلغ يافا بنى المتاريس أمامها وأرسل يطلب إلى حاميتها التسليم وكانت نحو ثمانية آلاف فأبت وقتلت الرسول فأدار عليها المدافع وقوي الصدام فقتل