وبدأ يهيىء بواسطة الألمان حملته على الترعة فسارت الحملة (٤ شباط ١٩١٥) فرقتين ، فرقة منها اجتازت المسافة من السبع إلى القناة في ستة أيام والأخرى في عشرة ، وقطع الجيش الصحراء التي تبلغ مسافتها ثلاثمائة كيلومتر ، دون أن يقع في معضلة من حيث الماء والتموين، وكشف القسم الواقع بين بحيرة التمساح والبحيرة المالحة من القناة ، وهجم قسم من المفرزات بواسطة الجسور العوامة إلى الساحل المقابل بالحراب على البريطانيين ، فأغرقت المدافع المنبعثة من ست طرادات انكليزية الجسور العوامه ، وقبضوا على من جازوا الساحل الآخر من الجند العثماني وأكثرهم من أبناء الشام ، وقتل في معركة الإسماعيلية بتقدير جمال باشا في مذكراته ١٩٢ قتيلا و ٣٨١ جريحا وأخذ ٧٢٧ أسيرا ومتغيبا ، وقدر البريطانيون ما فقد من الترك بألف قتيل وألفي جريح وستمائة وخمسين أسيرا. وعاد العثمانيون أدراجهم مغتبطين بزعمهم أنهم يستطيعون إن أرادوا بجسورهم العوامة أن يقطعوا الترعة إلى الشق الآخر ويستولوا على مصر. وكان الجيش البريطاني الذي هاجمه الترك على الترعة مؤلفا من جيش هندي قوي وفرقة من الجنود البريطانية وجيش قوي من اوستراليا ونيوزيلندا ، وأربعين ألف رجل من الاحتياطي وراء الخنادق المتقنة التي حفرت حذاء الترعة ، ونحو مليون جندي وعامل مصري استخدموا في خدم ثانوية أفادوا بها الجيش البريطاني فائدة عظيمة.
وأنفق العثمانيون نفقات طائلة على السكك الحديدية حتى وصلت إلى بئر السبع وصرفوا عليها مئات الألوف من الليرات لتحسينها وتحصينها ، أما البريطانيون فأخذوا بعد تلك الحملة العثمانية التي فشلت يتقدمون في الصحراء نحو الشام ، يمدون الخطوط الحديدية في الرمال تحت حماية مدافعهم ، وما زالوا يسرعون في تمديد الخطوط في صحراء الجفار بحيث كان معدل ما ينشئون كيلومترين كل يوم ، وهكذا حتى اقتربوا من العريش فلم يتقدموا خطوة إلى الأمام إلا بحسب طريقتهم المعروفة في فتوحهم أي بقدر مرمى المدافع ، ريثما تتم الخطوط الحديدية وتؤمن السبل.