والمواد الحربية في البحر ، وأصلاهم الحلفاء نارا حامية خلال هزيمتهم ، ولم تنفعهم وتنفع الأتراك خطوط الدفاع التي كانوا جعلوها في الجبل المطل على بيروت ، كما لم تنفعهم والترك أيضا الخطوط التي انشأوها في جبل المانع والمزة وقاسيون المحيطة بدمشق من غربها وجنوبها وشمالها ، وهكذا لم تصب دمشق وثغرها بيروت بأذى يوم الهزيمة على نحو ما كان العقلاء يحاذرون.
لم يجر استيلاء الحلفاء على بيروت إلا يوم ٧ تشرين الأول أي بعد سقوط عاصمة الشام بثمانية أيام ، فأرسلت الحكومة العربية في دمشق برقية إلى رئيس بلدية بيروت بأمر الأمير فيصل غداة وصوله إلى دمشق تأمره فيه برفع العلم العربي ، ووصل إلى بيروت من دمشق اللواء شكري باشا الأيوبي تحف به شرذمة من الفرسان ، واحتل دار الحكومة ، وبعد أربعة أيام وصل القائد الإنكليزي وأمر اللواء العربي بالعودة إلى دمشق ، وأنزلت الراية العربية وعين الكولونل بياباب الفرنسي حاكما على بيروت ، وأخرج الفرنسيون جندا إلى البر بين تصفيق الأهالي ولا سيما أبناء الطوائف الغربية ، ثم صدر أمر القائد اللنبي إلى الأمير فيصل أن يحتل جيشه حمص وحماة وحلب ، وكانت الجنود الإنكليزية والاسترالية تتقدمه أولا ، ففتحت حمص يوم ١٤ تشرين الأول ، وحماة يوم ١٦ ودخل الجيش العربي حلب يوم ٢٥ منه مساء بعد مقاومة خفيفة ومناوشة الفرسان البريطانيين والاستراليين لبقايا الجيش التركي الذي دافع لإشغال الجيش المهاجم حتى يتسنى له الانسحاب من حلب بانتظام وسلام خشية الأسر ، ويتم له نقل الموظفين وعيالهم والنقود والأوراق والسجلات ، وطلب الشريف ناصر بن علي قائد الحملة العربية إلى قائد الفرقة البريطانية الجنرال مكاندرو أن يمده بسرية من جيشه ليضمها إلى فصيلة عربية يمدّ بها السرية التي كان أنفذها لاحتلال حلب فرفض الجنرال طلبه ، وبعد الإلحاح عليه صرح بأن القائد العام أمره أن لا تطأ قدم جندي واحد من الجيش الإنكليزي مدينة حلب إلا بعد دخول الجيش العربي ورسوخ قدمه بها ، وهكذا لم يدخل الجيش البريطاني حلب إلا بعد دخول الجيش العربي بأربع وعشرين ساعة وتأليف الحكومة العربية الموقتة ، وكان آخر ما سقط من الديار الشامية ميناء الإسكندرونة احتلته البحارة الفرنسية يوم ١٨ تشرين الثاني ١٩١٨.