بأيدي أبناء الترك ، وهؤلاء وإن لم يكونوا أتراكا كانوا يبذلون الجهد للقضاء على التركية وإسدال الحجاب عليها ، وكان الملوك يعتصمون بالإسلام فأورثوا بذلك التعصب قوة
(٦) كانت الكنيسة الروسية الأرثوذ كسية عاملة على الانتقام لمملكة بيزنطية فبشعور روسيا بهذا الانتقام ، وحرصها على جعل الأتراك روسا في لغتهم ومناحيهم ، كانت تحارب تركيا أبدا وهذا من جملة أسباب الانقراض.
إلى أن قال : إن الحكومة العثمانية تذرعت بالمعنويات ولم تلتفت إلى الماديات ، وهذا من أعظم خطيئات الترك العثمانيين ، وكان عليهم أن يجمعوا الأتراك بأسرهم تحت علم واحد، وبدلا من أن يجعل العثمانيون حرثهم نسقا واحدا هبوا كالأسود الظمأى إلى أواسط إفريقية يلتمسون السراب عبثا ، ومن طرف آخر انصرفوا إلى أوربا كالطيور التي جعلت قلوبها كالسباع ، فنطحوا برؤوسهم بلا موجب قلاع فينا ثم وقفوا ورؤوسهم دامية. ومن أعظم دواعي الأسف أنهم فتحوا سبيل الرواج للسانين العربي والفارسي ، فداس هذان العنصران لسانهم الخاص أي التركية ، وعبث بالأمة الفقر والجهل الخ. ونحن نقول إن السبب الأعظم تغافل الدولة عن تقليد الغرب في الماديات والمعنويات فظهر على توالي القرون الفرق بين الخامل والعامل ، وكان تركيب الدولة من عناصر مختلفة ، ومعظمه كان في بدء أمرها من غير المسلمين ، من جملة الدواعي في عدم تركيبها تركيبا مزجيا ، خصوصا ومعظم تلك العناصر أرقى من الترك الأصليين عنصرا وأعظم تاريخا ، ولا عيش للمتوسط مع الذكي ، وإذا أخضعه لسلطانه بالقوة فإلى حين.